المترجم بين الدولة وجائزتها

المترجم بين الدولة وجائزتها

31 مارس 2016
(مقطع من "ثمن المغفرة" لـ فانسان عبادي حافظ)
+ الخط -

في المقال المنشور في "العربي الجديد"، يوم 25 آذار/ مارس الماضي، "مجنون الورد وجائزة المغرب للكتاب"، يقول الكاتب ما مضمونه، إن ثمة خطأ لم ينتبه إليه المسؤولون عن جائزة المغرب للكتّاب، وهم يكرّرونه، اليوم، بمنحهم جائزة الترجمة لعمل تُرجِم من العربية إلى الإسبانية، بعد أن جرى انتقادهم في سنوات سابقة بسبب منحهم الجائزة لترجمة مقدمة ابن خلدون إلى الفرنسية، في حين أنّ الذي ينبغي أن يَمنح جائزةَ الترجمة إلى اللغات الأجنبية هي الدول الناطقة باللغة المتَرْجَمِ إليها، أي إسبانيا أو إحدى دول أميركا اللاتينية.

ولتصحيح المعطيات الواردة في المقال فحسب (إذ ليس من شأن مثقف الدفاع عن المؤسسة الرسمية)، فإن جائزة المغرب للكتّاب في صنف الترجمة، وحسب القانون المنظم لها في مادته الخامسة، ينص على ما يلي:

"تمنح "جائزة المغرب للترجمة" لمكافأة: المصنّفات الأجنبية المترجمة إلى اللغة العربية أو الأمازيغية من قبل الكتاب المغاربة في ميادين الآداب والفنون والعلوم الإنسانية والاجتماعية وكذا المناقشات العلمية المعاصرة. والمصنفات المغربية المترجمة من قبل الكتاب المغاربة إلى لغة أخرى في نفس الميادين. وتخصّص لهذا الصنف جائزة واحدة".

فقانونياً، لا يمكن أن يتم إقصاء أعمال المرشحين من المترجمين المغاربة الذين يتقدّمون لهذه الجائزة حين يترجمون من اللغة العربية إلى لغة أجنبية إذا كان المُؤلَّفُ مغربياً، وحينما دافع عبدالرحيم حزل، عضو لجنة تحكيم جائزة المغرب للكتاب في صنف الترجمة سنة 2013 عن فكرة ضرورة إبعاد ترجمة عبدالسلام الشدادي لـ "كتاب العبر" في جزئه الثاني لابن خلدون، وليس "المقدمة" (التي صدرت قبل ذلك بسنوات ونال عنها المترجم جائزة في السعودية عام 2008)، فقد فعل ذلك لأنه تم تكليفه بإعداد تقرير عن الكتاب المترجَم من طرف اللجنة التي كان عضواً فيها، فجاء تقريره ناقداً للترجمة التي رآها مليئة بالعيوب.

الإشكال القانوني الذي أثاره حزل يتمثل في أن الجائزة إذا كانت مفتوحة للمترجمين المغاربة من العربية إلى لغة أجنبية، فهي تشرط ذلك بأن يكون العمل المترجَم لمؤلف مغربي، والحال أن ابن خلدون لا يمكن اعتباره مغربياً، بل هو في أكثر التصنيفات مرونة مغاربي، وحسب وجهة نظر ابن خلدون نفسه فهو تونسي.

وهكذا أصبح الأمر يستلزم حل إشكال قانوني، بل بلغ الجدل بـ حزل حينما لم توافقه اللجنة الرأي حد الانسحاب منها والتهديد بمقاضاة وزير الثقافة. وعليه، فالإشكال الذي أثير سنة 2013 لم يكن على الإطلاق مرتبطاً بالترجمة من لغة كذا أو إلى لغة كذا.

أما بصدد الجائزة التي نالتها مليكة امبارك لوبيث، المترجمة الإسبانية من أصول مغربية، فهي جائزة خيراردو كريمونا وقد حصلت عليها في دورتها الأولى، وقد نالها، أيضاً، المترجم الفلسطيني، صالح علماني، في ذات السنة والدورة.

هذا بخصوص النقاط التي ينبغي توضيحها من المقال. وبالعودة إلى موضوع "جائزة المغرب للكتّاب" في الترجمة، فإن هذه الجائزة قد وضعتها الدولة لغاية ما، وقد وضعت لها إطاراً قانونياً حتى لا تخطئ الجائزة طريقها.

لكن هناك إشكاليات أخرى تُطرح على جائزة الترجمة ترتبط مثلاً بقيمتها المادية التي في حالة المناصفة يتم اقتسامها بين فائزين فيغدو المبلغ مضحكاً لزهده من جهة، وفرضها على الفائز ألا يتقدّم للجائزة إلا بعد ثلاث سنوات من جهة أخرى، إضافة إلى إشكالية التنافس بين ترجمة الإبداع وترجمة البحوث والدراسات على الجائزة نفسها.

لا ينسينا ذلك أهم أبعاد الجائزة، فمكافأة مترجم مغربي يعرّف بالإنتاج المغربي وحتى العربي خارج حدود الوطن فكرة مصيبة لأننا نحتاج دوماً إلى من يقدّم صورة عنا، بعيداً عن الصورة القاتمة للتفجيرات والإعدامات وتكفير الشعراء وإعدامهم بسبب كتابتهم ديوان شعر.

المساهمون