"كمال الصليبي": ست شهادات

"كمال الصليبي": ست شهادات

27 يوليو 2016
(1929 - 2011)
+ الخط -

يتألف كتاب "كمال الصليبي: الإنسان والمؤرخ (1929 - 2011)"، الصادر حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، من شهادات وضعها عبد الرحيم أبو حسين، أستاذ التاريخ العثماني في "الجامعة الأميركية" في بيروت، ووجيه كوثراني، المدير العلمي للإصدارات في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، والباحث مايكل بروفنس، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في "جامعة سان دييغو"، وإلياس قطار، أستاذ التاريخ في كلية الآداب في "الجامعة اللبنانية"، والباحثة ناديا ماريا الشيخ، والباحث عبد الرحمن شمس الدين.

يُجمع مؤلفو الكتاب على ريادة الصليبي في حثّه على إعادة التفكير في القضايا التاريخية ورفض المسلّمات الموروثة، وتشديده على الاهتمام بعلاقة التاريخ بجغرافية حوادثه، واستناده في تدبير التاريخ إلى فهمٍ عميق للإطار والتاريخ المحليَّين، وتفاعل المستوى المحلي مع المستوى المناطقي أو الإقليمي في الإطار الدولتي الواسع.

يستعيد أبو حسين حوادث دالة على شخصية أستاذه الصليبي ومساهماته في الدراسات التأريخية، والتاريخ السياسي أو التقليدي، ونقد التاريخ، خصوصاً أنّ الصليبي أخضع مصادر التاريخ اللبناني للنقد، وانطلق في كتاباته التاريخية من منظور لبناني، ما أضفى عليها صبغة التاريخ المحلي. كما فتنته التفصيلات والغوامض التي صادفها في بحثه.

يفسّر وجيه كوثراني تغيّر نظرة الصليبي المؤرخ إلى الإمارة اللبنانية وموقع الأمير فخر الدين المعني في الرواية اللبنانية التقليدية، والأساطير التي دعمت هذه الرواية، وانتقاله من التسليم بالرواية والأساطير إلى نفيها وتبيان زيفها، وذلك في بحثه "كمال الصليبي في تأريخه للبنان الحديث ولصورة الأمير المعني: من لبنان – الملجأ إلى لبنان – المأزق"، وينتقده بسبب إغفاله البعد السياسي في وصول اللبنانيين إلى فهمٍ مشوّه لتاريخهم؛ فالمطلوب بحسب كوثراني يتعدى تنظيف التاريخ، أي تصحيحه، إلى تنظيف السياسات المعتمدة لبناء الدولة الوطن والمواطن، أي تصحيحها. فسياسات الحاضر تنتج بيئة علمية تعيد النظر في التاريخ وتنزع عنه النظرة الطائفية أو تعوق إنتاجها، فتنتفي الحاجة حينها إلى أسطرة التاريخ أو تزويره خدمةً لمشروعٍ سياسي ما.

يرى مايكل بروفنس في دراسته "كمال الصليبي ومؤرّخو المشرق العربي" إنّ الصليبي أصرّ على دراسة المنطقة وشعوبها والتغيّرات التي طرأت عليها عبر الأزمنة بشروطهم ورؤاهم وأطرهم الخاصّة، كما يدرس مؤرخو بلدان وأزمان أخرى موضوعاتهم، وتمثّل مساهمتهم الجماعية نتاجاً بحثياً لا يثمّن لدقّته.

أمّا الياس القطار فيقول في بحثه "كمال الصليبي: رائد الدراسة العلمية الوضعية لتاريخ لبنان الوسيط" إنّه عمل على صوغ معطيات تاريخ لبنان الوسيط بصورة علمية أكاديمية نقدية تحليلية، رابطاً الرواية المارونية بمصادر عائدة إلى زمن الحدث، مصحّحاً ما فيها من مبالغات وشوائب ونواقص ومغالطات في التواريخ والأسماء والوقائع، فاصلاً الحقيقة عن الأسطورة، معتمداً المنهجية الوضعية، فيستنتج أنّ التأريخ الماروني كان في الأساس مدعاةَ فخر لطائفة صغيرة مغلقة على ذاتها ومحاطة بالأعداء، حافظت مئات السنين على جبالها حيث تعيش بحرّية نسبية، وفي حال دفاع دائم ضد تهمة الهرطقة التي اتُهمت بها.

في دراستها "كمال الصليبي: في التاريخ الإسلامي في العصور الوسطى"، تقول ناديا الشيخ إنّه قدّم فهماً بديلاً للسائد في تاريخ بلاد الشام في ظل الحكم الإسلامي، وجزيرة العرب ولبنان في العصر الوسيط، بتشديده على أهمية الجغرافيا، وإدراكه أهمية تحليل العوامل المحلية والإقليمية والدولتية بخطوط متوازية. كما تحدّى التحقيب التقليدي في الدراسات العربية والإسلامية، مُسائلاً ما استقر عليه التاريخ من حقب، ومقارباً الأمر بنمط تحليلي جديد.

ختم الكتاب بدراسة عبد الرحمن شمس الدين، عنوانها "جغرافيا التوراة ونظرية الصليبي: مقاربة تمهيدية من منظور عربي ــ إسلامي"، يقول فيها إنّ الصليبي قدّم نظرية أصيلة في موضوع جغرافيا التوراة ومكان الحوادث التوراتية، وفي أنّ الجغرافيا التوراتية لم تحدث في فلسطين بل في شبه الجزيرة العربية، فيقدّم شمس الدين معطيات من التراث العربي تتوافق مع رؤية الصليبي، باحثًا في تاريخ شعب العماليق التوراتي الذي يُعدّ في الفكر العربي قبيلة عربية بائدة.

المساهمون