أقرب من بنما

أقرب من بنما

07 ابريل 2016
خالد تكريتي/ سورية
+ الخط -

لِمَ نبدو مصدومين، كما لو أنّنا اكتشفنا، فجأةً، أن هذا الكوكب ليس مثالياً وأن هؤلاء المسؤولين ليسوا بالنزاهة التي كنّا نتصوّرها. "وثائق بنما"، التي تُثير عاصفةً في مشارق الأرض ومغاربها، كشفت جوانب من فساد غير معلن، لكنّ فساداً آخر معلناً يُحيط بنا من دون أن نُبدي تجاهه أيَّ استياء أو أيّةَ رغبة لمواجهته.

عن الفساد في الثقافة نتحدّث؛ ذلك الذي يتّخذ أشكالاً متعدّدة؛ بدءاً بالمؤسسات وطريقة منح المشاريع الثقافية وتجسيدها، وصولاً إلى الفعل الثقافي ذاته؛ إذ بات إنتاج الأفلام والمسرحيات وإقامة التظاهرات والمهرجانات ومنح الجوائز ونشر الكتب أيضاً في مهبّ المفسدين.

ولعلّنا كنّا سنُعزّي أنفسنا بالقول إن السواد الأعظم من هؤلاء دخلاء على الثقافة، لكن المشكلة أن أيّ "راكب" على هذا المجال لم يعُد ينزعج من التهمة أو يحاول دفعها عنه، بقدر ما يسعى إلى أن يظفر بنصيب من الكعكة، ويتحسّر إن لم يصبه شيء منها.

حين يستشري الفساد ويمسّ الثقافة نفسها، فهذا يعني أنّه تحوّل من سلوك شاذ إلى ثقافة قائمة. وهنا، لن نقول إن الفساد في الثقافة أسوأ من ذلك المستشري في الاقتصاد والسياسة، لكننا لا نُبالغ إن قلنا إن الأوّل أشدّ خطورةً؛ لأنه يشكّل "قيمةً" معادية للثقافة في أساسها، ولأنه أكثر زئبقية، لا سيما أن "المثقّفين" هم "الأقدر" على تبرير الفساد.



دلالات

المساهمون