رفعت سلام: هذه قصة سلسلة الـ 100 كتاب

رفعت سلام: هذه قصة سلسلة الـ 100 كتاب

28 يونيو 2015
"معابد خارجية"، خالد حافظ/ مصر
+ الخط -

تكشف القضايا الثقافية الجزئية أزمة الثقافة في مصر اليوم ومقدار الهيمنة والعشوائية الذي تمتاز به ممارسات مؤسسة. في حديثه لـ "العربي الجديد" يكشف الشاعر المصري ورئيس تحرير سلسلة الـ "100 كتاب"، التي تصدر عن "الهيئة العامة لقصور الثقافة" في مصر، ضمن سلسلة "آفاق عالمية"، ما تتعرض له السلسلة من عرقلة وتضييق قد يؤدي إلى إلغائها.

تقوم فكرة السلسلة التي أطلقت بعد ثورة 25 يناير، على ترجمة مئة كتاب من الأدب العالمي، بعد استطلاع آراء مجموعة من الكتاب والمثقفين العرب عن أهم الكتب التي لم تترجم. وقد أصدرت السلسلة 25 عنواناً.

الشاعر والمترجم المصري رفعت سلام، رئيس تحرير السلسلة، يتحدث إلى "العربي الجديد" حول الأسباب التي تعرقل استمرارية التجربة: "حين كُلّفت من قبل "هيئة قصور الثقافة"، قبل 3 سنوات، للإشراف على "آفاق عالمية" للترجمة، كانت السلسلة منهارة، وبلا أفق واضح. وافقت، وعكفت على صياغة خطة غير مسبوقة، إذ إن أهم الإبداعات العالمية في الأدب مترجمة إلى معظم اللغات، عدا العربية، ففي العربية، ستجد بعضها مترجماً بلا دقة، أما الأعمال الأخرى، فنسمع أو نقرأ عنها أو ننتظر من يترجمها في بيروت أو الرباط".

ويضيف: "تجد في الثقافات الأخرى قوائم "أهم مائة عمل أدبي في التاريخ"، أو "أهم مائة رواية في القرن العشرين". أما لدينا، فلا يمكن تشكيل قائمة "أهم مائة عمل في التاريخ"، لأن كثيرا من هذه الأعمال ليس مترجماً، وما تُرجم منها نفد ولا يعاد طبعه". من هنا جاءت فكرة سلسلة الـ "100 كتاب".

يوضح سلاّم أن السلسلة نجحت فعلاً، واكتشفها القارئ سريعاً، وأصبح في انتظارها، "لتنفد أعمال السلسلة في وقت قياسي، واحداً بعد الآخر". المفارقة أن نفاد أعمال السلسلة خلال أيام من صدورها لم يؤدِّ إلى مضاعفة كمية النسخ المطبوعة -وهو ما كنت أطالب به- بل قوبل بقرار تخفيض كمية الطبع بمقدار الثلث، الأمر الذي تمّ تبريره بتقليل الخسائر وأنه ينطبق على السلاسل كلها، فكثير منها يواجه الركود في توزيعها".

يتساءل سلاّم: "لماذا تتحمل السلسلة الناجحة مسؤولية كساد الأخريات". يصف سلاّم الحالة بأنها "عبثية، أقرب إلى السوريالية"، مؤكداً أن "الإدارة البيروقراطية تتحرش بالسلسلة، منذ بداية العام، إلى حد تعطيلها من دون غيرها والتهديد بإيقافها، من دون إعلان أية أسباب. فبدلاً من إصدار ستة أعمال منذ بداية العام حتى الآن، لم يصدر سوى عملين، وترقد بقية الأعمال في المطبعة".

بدأت عرقلة استمرار السلسلة أواخر فترة تولّي الوزير السابق جابر عصفور حقيبة الثقافة، عندما دعا إلى نقل منشورات "هيئة قصور الثقافة" إلى "هيئة الكتاب". في هذا السياق، يبيّن سلام: "هي فكرة عشوائية، أعلنها بلا حيثيات. ولم يقدم آنذاك مبرراً واحداً أو جدوى لهذا الدمج".

يعتبر سلاّم هذه الفكرة "تخريبية تستهدف القضاء على قطاع النشر في "هيئة قصور الثقافة" باسم ضمّه إلى "هيئة الكتاب". وحين يتحقق ذلك ويُلغى النشر من "قصور الثقافة"، نكتشف عجز "هيئة الكتاب" عن استيعاب السلاسل فيتم إلغاؤها. وبذلك يكون تم التخلص من "رغيف الفقراء" الثقافي.. الذي يصدر كتباً في مجالات مختلفة بسعر شعبي".

تستوعب إمكانات "هيئة الكتاب" نحو 30 مطبوعة جديدة، وبالكاد يمكنها تنفيذ أعمالها هي، خصوصاً مع إضرابات عمال المطبعة. وفي ما يتعلق بسلسلة الـ "100 كتاب"، لا أحد يعرف لمصلحة من يتم منع سلسلة حققت نجاحاً ملحوظاً في وقت قصير. هنا يعقّب سلّام: "رفعت الدولة الدعم عن الرغيف، آنذاك، وربما تلقّى عصفور تعليمات بإنهاء الدعم عن النشر، فتفتق ذهنه البيروقراطي عن هذا الحل. ولم يدرس عواقب الفراغ الثقافي في مجال النشر، فيما كان هو نفسه لا يكفّ عن ترديد إسطوانة التنوير".

هناك تصريحات متضاربة حول القرار الذي صدر بخصوص مصير سلسلة الـ"100 كتاب"، ما بين وقفها بشكل نهائي أو دمجها في سلاسل أخرى، يقول سلام: "إنهم لا يصدرون قرارات، بل "تعليمات" شفهية، في الكواليس. مثلاً يتم توقيع أوامر الطباعة بصعوبة، في حين يتم الاتصال بالمطبعة تليفونياً لإيقاف طباعة الأعمال. لا قرار بأي شيء. ما يجري فعليًّا على الأرض هو تعطيل إلى حد الوقف".

كثيراً ما يتحدث النظام المصري الحالي عن "دور التنوير في مواجهة الإرهاب"، إلا أن هناك ممارسات عديدة للنظام، مثلما تتعرض له السلسلة من عوائق أو ما يُمارس من تضييقات على حرية التعبير والإبداع تقول عكس ذلك: "تلك هي المفارقة العبثية التي نعيشها: استهلاك الكلام واللغة والوقت في أحاديث حماسية عن التنوير والمعرفة وحرية التعبير واحترام الآخر. ثم ممارسة السلوك المضاد لكل ذلك من الشخص والجهة نفسها".

إنها "حالة استهلاكية لتفريغ أجمل الأفكار من محتواها". بتعبير سلاّم الذي يضيف "لهذا، سيظل المتحدثون باسم النظام من كبار البيروقراطيين والصحافيين يلوكون كلمات "التنوير" و"العقل" و"محاربة الإرهاب"، كستارة تخفي عمليات القمع الشاملة التي تطول جميع وسائل التعبير والإبداع والفكر".

المساهمون