سلامة كيلة.. العلمنة كضرورة

سلامة كيلة يحاضر حول "العلمانية في الوطن العربي" في القاهرة

23 مايو 2017
(سلامة كيلة)
+ الخط -
يعود المفكّر الفلسطيني سلامة كيلة (1955) إلى صدمة الاحتكاك بأوروبا، في محاضرته "العلمانية في الوطن العربي" التي تعقد عند السابعة من مساء اليوم في "صالون ابن رشد" في القاهرة، وكيف عملت الطبقات المسيطرة، باعتماد أيديولوجيتها التقليدية، على تشويه كلّ الفكر الحديث باعتباره فكراً إلحادياً.

في حديث لـ"العربي الجديد"، أوضح صاحب "الهوية والقومية والحداثة" (2015) أن ورقته تتناول "التشوّش الذي يحيط بالعلمانية، والخوف من الاقتراب منها، وكيف أنها حين تُطرح بشكل مراوغ، خشية الاتهام، أو خوفاً من "الوعي الشعبي" ولهذا كانت النخب بشكل عام محافظة، وهي لا زالت محافظة بشكل ما، لذا يفترض البحث في مسار انتشار العلمنة كفكرة خلال سياق تغلغل الفكر "الغربي"، أي مع حاجة الشرق لتبني الأفكار التي أتت مع الثورة البرجوازية في أوروبا".

يناقش كيلة دخول العلمنة ضمن منظومة الفكر الغربي الذي أخذ يتسرَّب مع بدء تجربة محمد علي باشا، وإرساله البعثات للتعليم، والانفتاح على فرنسا، التي كانت مركز أفكار النهضة الأوروبية؛ هذا الدخول للفكر الغربي فتح على صراع كبير بينه وبين الأيديولوجية التقليدية (الدينية بمعنى ما)، وأوصل إلى أن يتراجع دور هذه الأيديولوجية لمصلحة انتشار مختلف تيارات الفكر الحديث؛ الليبرالية والديمقراطية والقومية والاشتراكية. وحيث ظهرت سنوات ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين كسنوات "هيمنة" هذا الفكر، رغم أن أزمته تمثّلت في أنه لم يصبح فكر البرجوازية التي حاولت النهوض لكنها تكيّفت مع السيطرة الاستعمارية.

يرى صاحب "العلمانية: المعنى والإشكالية في الوطن العربي" (2014) أن هذه السياقات فرضت أن يصبح الفكر الحديث، وفي ضمنه العلمنة طبعاً (وربما خصوصاً، كونه يمكن من خلالها وضع هذا الفكر في مواجهة الدين) في مرمى الأيديولوجية التقليدية التي باتت أصولية، وتستخدم الدين بشكل شرس، وهو رسّخ الاعتقاد بأن العلمنة هي إلحاد (رغم أن كلّ الفكر الحديث كان يوضع في موضع الكفر)، ونتيجة ذلك، جعلها أكثر من مجمل الأفكار الحديثة الأخرى، محطّاً للتخوّف والتهرّب من الجهر بها.

كما يحلّل المحاضر مواقف الأحزاب السياسية القومية واليسارية، التي هربت أيضاً من تبني العلمنة، وكانت تميل إلى تجاهلها، مؤكّداً أن الفئات الوسطى منذ خمسينيات القرن العشرين، التي كانت من أصل ريفي في الغالب، لم تكن قد تشرّبت الفكر الحديث، بل أنها تبنّت شعارات "حديثة" مع بقاء وعيها التقليدي، وهذا ما كان يخلق تمازجاً بين الوعي التقليدي المحافظ، وبعض أفكار الحداثة، فبدا حتمياً أن يجري القفز عن العلمانية، والتمسّك بشعارات عامة حول الحرية والوحدة والاشتراكية، وحتى الديمقراطية.

يختم صاحب "الإسلام في سياقه التاريحي" (2012)، بالوقوف عند تصاعد نشاط الأصولية و"هيمنتها" من جديد، ما يستدعي الحديث عن ماهية العلمانية من جهة؟ ولماذا هي ضرورة؟ وهي أسئلة يطرح مقاربات حولها في محاضرته اليوم.

المساهمون