خرائط المدن القديمة.. وثائق معمارية أيضاً

خرائط المدن القديمة.. وثائق معمارية أيضاً

10 مارس 2018
البندقية، "كتاب البحر" للأميرال العثماني بيري ريس، القرن الـ16
+ الخط -

يمكن من خلال قراءة خرائط المدن القديمة فهم الكثير عنها، ليس فقط من ناحية تقسيماتها الإدارية وأسماء شوارعها وأحيائها، بل يمكن أيضاً فهم العمارة فيها والتخطيط المديني إلى جانب فهم الكثير عن تاريخها السياسي والاجتماعي.

ضمن سلسلة المحاضرات التي ينظمها "المعهد الفرنسي للدراسات الشرقية" في القاهرة، تحت عنوان "سيمنار قراءات في الوثائق التاريخية"، يلقي الأكاديمي طارق المرسي محاضرة مساء اليوم بعنوان ""خرائط المدن القديمة: مصدر معلومات وأداة لفهم تاريخ وعمران المدينة".

يبدأ أستاذ الآثار في جامعة "مصر للعلوم التكنولوجية" المحاضرة بتوضيح مفاتيح قراءة خرائط المدن القديمة، ويتناول الكيفية التي يمكن بها فهم مكانة وعمارة البناء وعلاقته مع المدينة من خلال أدوات القراءة التي سيتطرق إليها بالتفصيل.

يرى المحاضر أن عمارة المدينة كما تظهر في الخرائط القديمة توفر فهماً لها بوصفها شيئاً مركباً صنعه الإنسان، والشكل المادي للمدينة يسجل إنجازات معماريّيها وبنائيها عبر التاريخ، وذلك عبر دراسة المدينة على مستويين؛ الأول فهم كيف نحتت الحاضرة مدينياً، والثاني الفهم العام لنسيج الأبينة وعلاقته بالمدينة وطرق الربط بين الاثنين.

من المدن الضاربة في تاريخها والتي يتوفر لها خرائط قديمة نجد البندقية، وأثينا، والإسكندرية، وبابل، ودمشق، وحلب، والقدس، وموهنجو دارو الباكستانية، وماتشو بيتشو في بيرو، وفاراناساي في الهند، وروما وغيرها.

باستعراض واقع بعض من هذه المدن اليوم، نجد أن بعضها سُوّي بالأرض نتيجة الحروب الطاحنة مثل حلب، وبعضها فقد مكانته المركزية التاريخية في التقسيمات الحديثة مثل بابل، أو استولي عليه مثل القدس، من هنا تكتسب محاضرة المرسي أهمية إضافية، إذ أن قراءة الخرائط القديمة لهذه المدن المنكوبة أو المنسية أو المهملة يشكّل طريقة من طرق الحفاظ على ذاكرتها، بل ومقاومة طمس حقيقتها التاريخية والسياسية والاجتماعية.

ولقراءة العمارة من خلال الخرائط القديمة، لا بد من العودة إلى مفهوم Instauratio Urbis، الذي يعني تأسيس المدينة، وينفذ من خلال رسم خرائط طوبوغرافية، حيث المعرفة بالأشكال والصيغ المعمارية العامة كانت تتحقق من خلال الشكل الفردي لكل بناء وموضعه في الخريطة الطوبوغرافية. 

تأسيس المدينة كان دائماً يجسّد ويصوّر من خلال خرائط فيها معلومات معمارية عن الأبنية، مثلما يظهر ذلك في خرائط روما القديمة حيث تظهر أسوار المدينة وتتميّز الأبنية الأقدم عن الأكثر جدة آنذاك. وقد رسم العثمانيون في القرن السادس عشر الكثير من خرائط المدن الأساسية في العالم.

المساهمون