رأس السنة المصرية القديمة: ذاكرة 6260 سنة

رأس السنة المصرية القديمة: ذاكرة 6260 سنة

09 سبتمبر 2018
من معبد دندرة بالقرب من قنا (تصوير: فرنر فورمان)
+ الخط -

يقابل، بعد غد الثلاثاء، 11 أيلول/ سبتمبر 2018 بحسب الروزنامة الغريغورية الأوّلَ من توت 6260 بالتقويم المصري القديم، وهو رأس السنة حسب هذا التقويم.

وفي هذا الإطار، تنظّم عدد من منظمات المجتمع المدني في مصر احتفالات ككل عام، وهي تنحصر في معظمها بين الاستعادات التاريخية أو تتخذ بعداً تحسيسيّاً حول أهمية الحفاظ على الإرث المصري القديم في ظل ما يعتبره كثيرون استقالة الدولة من هذا الطرح، حيث تنحصر رؤيتها إلى التراث الفرعوني في البعد المنفعي السياحي، إضافة إلى نزعة مضادة تظهرها بعض الشرائح الاجتماعية تتخوّف من تغليب البعد الفرعوني على البعد الإسلامي في الثقافة المصرية، أو بالأحرى الخوف من النزعة الانعزالية التي كثيرا ما تتقنع بالثقافات القديمة.

على مستوى آخر، كثيراً ما تقع هذه الاحتفالات ضمن رؤية شوفينية تسطيحية، لا تقرأ من رأس السنة الجديدة إلا المقولة المكرّسة بأن التقويم المصري ظهر قبل كل أشكال التقويم الأخرى، وكأن بعضهم يتبنى بذلك نظرة الفراعنة أنفسهم للعالم في ذلك الزمن حيث كانوا يعتبرون أرض مصر مرتبطة بالاستقرار وما خارجها غارقاً في الفوضى. ويلاحظ أن وسائل الإعلام غالباً ما تقف عند هذه النقطة مطوّلاً، دون الذهاب إلى ما هو أبعد من دراسات علمية حول أسرار ظهور التقويم المصري وتفاصيله وغير ذلك مما تطرحه البحوث.

تأتي احتفالات هذا العام بعد أيام قليلة من حريق "متحف البرازيل الوطني" والذي أتى على عدد كبير من الآثار المصرية الموجودة فيه. ربما تكون هذه الحادثة مناسبة للعودة إلى قضايا التراث الفرعوني، وأبرزها تشتّتها بين متاحف العالم، وإن كان مصيرها في المتاحف المصرية قد لا يكون أفضل مما حدث لها في ريو دي جانيرو مؤخراً، حيث تعاني من الإهمال وسوء الإظهار وغير ذلك، دون الحديث عن نزيف الآثار وسرقتها من المواقع مباشرة ضمن إطار أوسع من النهب الأثري الذي تعيشه المنطقة العربية.

من جهة أخرى، لنا أن تتذكّر أنه إلى اليوم لا يزال مركز ثقل علم المصريات يقع خارج مصر، وذلك منذ أن تأسس هذا الحقل المعرفي على يد الأركيولوجيين الفرنسيين في نهاية القرن الثامن عشر. إلى اليوم لا تزال البعثات الأجنية هي الفاعل الحقيقي في علم المصريات. حتى على مستوى الاهتمام الجماهيري، فللآثار المصرية زخم في الغرب لا نجد مثيله في مصر، من إنتاج أفلام وثائقية ومجلات متخصّصة، إضافة إلى استلهام مفرادات هذا التراث في الرواية والسينما والأشرطة المصورّة.

يمكن أن نضع رأس السنة المصرية القديمة مع مجموعة مواعيد أخرى مثل رأس السنة الأمازيغية (جرى الاحتفال في في 12 كانون الثاني/ يناير برأس السنة 2968) وأعياد رأس السنة في بلاد الرافدين وغيرها من بلاد العربية. يذكر أن الجزائر أقرّت هذا العام رأس السنة الأمازيغية كيوم عطلة، وهو اعتراف رسمي لا تحظى به أي من أيام رأس السنة القديمة الأخرى.

دلالات

المساهمون