"عمارة الخانقاوات": حين دخل التصوف إلى مصر

"عمارة الخانقاوات": حين دخل التصوف إلى مصر

14 يناير 2019
خانقاه خوند طوغاي في القاهرة)
+ الخط -
بفعل تعرّض مدينة الفسطاط التي بنيت في منتصف القرن السابع الميلادي إلى الحرق والنهب، لم يبق من أوابدها سوى جامع عمرو بن العاص، وكذلك الأمر بالنسبة إلى معظم المواقع التي شيّدت في العصور العباسية والطولونية والإخشيدية، لتشكّل العمائر الأيوبية ثم المملوكية أبرز معالم القاهرة القديمة.

"عمارة الخانقاوات" عنوان المحاضرة التي يلقيها الباحث المتخصص في الآثار المملوكية يوسف أسامة عند السادسة والنصف من مساء غدٍ الثلاثاء في "بيت المعمار" في العاصمة المصرية، ويتحدّث خلالها عن العمارة الدينية الإسلامية فى العصور المبكرة والعصور الوسطى والحديثة، ومنها عمارة الخانقاوات فى العصرين الأيوبي والمملوكي وفكر الصوفية والعلاقة بينهم.

يشير الباحث إلى أن الخانقاه في محاضرة سابقة له، هو المكان الذي ينقطع فيه المتصوف للعبادة، وانتشرت في شرق العالم الإسلامي قبل أن يجلب نمط بنائها صلاح الدين الأيوبي إلى مصر حيث بنى أول نموذج منها وسمّيت خانقاه سعيد السعداء في القرن الثاني عشر الميلادي، مع تأجج الصراع بين المذاهب الإسلامية واعتماد الأيوبيين على الخانقوات والمدارس في مواجهة المذهب الإثني عشري.

يضيف أسامة أن صلاح الدين أحضر بعد بنائه هذه الخانقاه ثلاثمئة من المتصوفة العجم إلى القاهرة، ثمّ بنى المماليك معظم الخانقوات المصرية، ومنهم الناصر محمد بن قلاوون (1285 – 1341) الذي ذهب ذات مرة ليصطاد في صحراء سرياقوس فأصيب بمرض ولما شفي منه بنى في محله خانقاه تحوّل لفظها في المصرية إلى "الخانكة" وهي مدينة صغيرة تقع اليوم في محافظة القليوبية.

تنقسم الخانقاه إلى قمسين، بحسب المحاضر، الأول كان يجتمع فيه الصوفي مع مريديه ويدّرسهم العلوم الدينية كالحديث والشريعة والفقه والتفسير، والثاني يخصّص لخلوته لإقامة الذكر والأوراد، ثم تطوّرت لتشتمل على مسجدٍ وومدرسة ومساكن للطلبة الذين انصرفوا إلى التصوف وكانت غالبيتهم من الفقراء والمحتاجين.

ويلفت إلى أن كبار المتصوّفة كان يخرجون كلّ جمعة وفي المناسبات الدينية مثل المولد النبوي ويوم عاشوراء إبان العهد الأيوبي، من خانقاه سعيد السعداء في موكب يشارك فيه الناس القادمون من المدن والقرى المصرية ليؤدوا الصلاة في أحد مساجد القاهرة، وبذلك جرى إعادة الطقوس التي كانت شائعة أيام الفاطميين في احتفائهم بآل البيت، لكن بطريقة جديدة توافق التصوّف السني.

المساهمون