وقفة مع نزار السعيدي

وقفة مع نزار السعيدي

23 يناير 2020
(نزار السعيدي)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته قرّاءه. "أريد أن يعم السلام وتنتهي الحروب، ولِمَ لا أن يقرّر الفنّانون مصير هذا العالم"، يقول المخرج المسرحي التونسي.


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟

- ككل التونسيّين، يشغلني الوضع العام للبلاد سياسياً واجتماعياً في ظل ضبابية المشهد وعدم توفّر حلول بديلة لحلحلة الأزمة السياسية الحالية، وما نتج عن ذلك من تردٍّ في الوضع الاقتصادي وارتفاع في معدّل الجريمة، إضافة إلى الوضع الإقليمي، خاصّةً ما يحدث في الجارة ليبيا وانعكاسه على تونس. هذا في الجانب العام، أمّا في الجانب الشخصي، فأنا منشغلٌ بالإعداد اللوجستي لسلسلة عروض مسرحية "قصر السعادة" التي سنقدّم سلسلة من عروضها نهاية هذا الأسبوع في "قاعة الفن الرابع" بتونس العاصمة.


■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟

- مؤخّراً، وخصوصاً مع آخر أعمالي "قصر السعادة"، بدأتُ أشعر بشيءٍ من الرضا. ربما هو شعور أستمدّه من رضا الجمهور والصحافة وإشارات بعضهم إلى بداية نضج تجربتي المسرحية واكتساب قدرات التفكيك والتركيب المسرحي. لكن من جهة أخرى، لا يمكن أن أكون راضياً حين أرى محدودية وصول المسرح الجاد إلى الجمهور مع هيمنة التلفزيون على توجيه ذائقة المتفرّجين.


■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أيّ مسار كنت ستختاره؟

- ربما من حظ ممارسي الفن المسرحي أنهم يمتلكون فرصة اختبار مسارات مختلفة من خلال الشخصيات الفنية التي يبتكرونها ويؤدّونها باختلاف أنماطها وأنساقها. لكن بشكل عام، لو خُيّرت أن أكون إحدى تلك الشخصيات المسرحية التي عايشتُها لاخترت أن أكون كما أنا اليوم مخرجاً مسرحياً.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريدهُ في العالم؟

- أن نفكّر في ما نريد تغييره في العالم، هو سؤال بحث فلسفي عميق. لكن ببساطة، أريد أن يعم السلام وتنتهي الحروب الحارة منها والباردة، وأن يعيش أطفال العالم في بيئة سليمة دون أمراض وفقر، ولِمَ لا أن يقرّر الفنّانون مصير هذا العالم.


■ شخصيّة من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذّات؟

- ربما إرنستو تشي غيفارا. لقد جمع بين الحب الذي يكنّه للإنسانية وقوّة الفكر، ما جعل منه رمزاً للتحرّر ومقاومة الجور.


■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟

- أتواصل مع أصدقائي بشكل يومي تقريباً، أمّا الكتاب الذي أعود إليه فهو كتاب "الأمير" لـ مكيافيلي لما يحمله من تفكيك لمنظومة تسيير العالم وما يدور في كواليس الحكم من مؤامرات تهدف إلى التحكُّم في مصائر الناس. وفي الفترة الأخيرة، أنا شديد التعلُّق بكتاب المفكّر الكندي آلان دونو "نظام التفاهة" لما يحمله من جرأة وقوّةً في تحليل للراهن العالمي.


■ ماذا تقرأ الآن؟

- أقرأ هذه الأيام عمل الكاتبة الفرنسية فلورنس ديبون بعنوان "أرسطو أو مصّاص دماء المسرح الغربي". كتابٌ وجدته مهمّاً للغاية؛ حيث يعود إلى الأسس النظرية للمسرح، ويتناول بالنقد ما أورده أرسطو في كتابه "فن الشعر" مِن وضعِ أسس كتابة الدراما وتأثير ذلك على مسار المسرح الغربي وجعله منظومة أدبية أكثر منه مسرحية، وهو ما تفنّده هذه الكاتبة وتعتبره عائقاً لتطوّر المسرح؛ حيث تؤكّد على استقلاله عن الأدب.


■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائيّة أو موسيقيّة يمكننا أن نشاركك سماعها؟

- ما أسمعه هذه الأيام غريب عن أذني؛ وهو عالَم موسيقى الراب وأهازيج الفرق الكروية، وقد وجدت نفسي في هذه العوالم خلال التحضير لمسرحية "قصر السعادة". ولكن ينبغي أن نؤكّد أن هذه الأشكال الفنية إنما هي تعبيرات موسيقية جديرة بالاهتمام لفهم الشباب وميولهم، فهي ليست موسيقى للترفيه أو الطرب، بقدر ما هي رسائل موجّهة إلى أكثر من طرف. أمّا التجربة التي أدعوكم لسماعها فهي حمزة نمرة.


بطاقة

مخرج مسرحي تونسي من مواليد 1982. من مسرحياته: "ناس" (2011)، و"سوس" (2015)، و"المرقوم" (2017)، و"أنتليجنسيا" (2018)، وآخر أعماله بعنوان "قصر السعادة"، عُرض أوّل مرّة نهاية 2019 ضمن "أيام قرطاج المسرحية"، وتبدأ سلسلة عروضه الجديدة ابتداءً من يوم غدٍ الجمعة.

المساهمون