جين بقطر سيداروس: سيناريو الفراعنة

جين بقطر سيداروس: سيناريو الفراعنة

16 اغسطس 2015
برديّة من كتاب الموتى المصري
+ الخط -
لعل تجربة المناضلة المصرية جين بقطر سيداروس (1925)، لا يمكن حصرها في إطار سيرتها الشخصية، فهي تمتدّ على جزء هامّ من تاريخ الحركتين الشيوعية والنسوية في مصر.

أخيراً استضاف "مركز دال للدراسات والنشر" في القاهرة، سيداروس، بمناسبة صدور روايتها "سجن الحياة.. وجه الحياة الآخر" عن "دار الياسمين للنشر". تزامن ذلك مع بلوغها التسعين، كما عُرض أحد أبرز أفلامها "اللغة السينمائية عند قدماء المصريين"، بحضور عدد من المناضلات الشيوعيات اللواتي أطلق عليهن الشاعر زين العابدين فؤاد لقب"بنات القناطر"؛ منهن ثريا شاكر وسعاد الطويل.

الفيلم الذي أنتجته وأخرجته سيداروس (المعروفة باسم فايزة) طرحت فيه فكرة وجود حسّ و"تكتيك" سينمائيّين عند قدماء المصريين في تصاويرهم ومنحوتاتهم، حيث استندت إلى أن السينما تعتمد قبل كل شيء على السيناريو وتقسيم المنظر إلى مشاهد، والمشاهد إلى لقطات، وهو ما يتواجد على جدران المعابد وداخل المقابر الفرعونية في تصاوير تجسّد سيناريوهات كاملة.

يعرض الفيلم نماذج لمعارك أو طرق ممارسة حرفة، ويشير إلى أن ثمة مشاهد يفصل بينها خط منحوت، للدلالة على تغيير اللقطة وبداية لقطة جديدة، مثل السيناريو الكامل لتجميل بتاح حتب، وسيناريو البحارة الذي يرصد 220 حركة متتابعة للبحارة أثناء تجذيفهم.

كما تشير المخرجة إلى أن المصريين كان لديهم الوعي بفكرة الشخصية الرئيسية والشخصية الفرعية في السيناريوهات المنحوتة، حيث تظهر الشخصية الرئيسية بحجم أكبر.

تلاحظ سيداروس أيضاً وجود فكرة "الديكوباج" ووسائل محاكاة الحركة من خلال مشاهد الرؤوس المزدوجة والأرجل المزدوجة، وهو ما ظهر في تصاوير معركة قادش التي قادها رمسيس الثاني، إضافة إلى رسوم أخرى أظهرت الاحتفالات أو طرق الدفن.

لم تكن سيداروس سينمائية، فهي كاتبة بالأساس، وكان نجيب محفوظ قد دعاها إلى أن تكتب تجربتها عن محاكمتها عسكرياً واعتقالها عام 1959. وفي السبعين من عمرها درست السينما لتخدم من خلالها هوايتها بمجال التراث والآثار. كانت في كل مرّة مخرجة ومنتجة لعمليها؛ "الحضارة المصرية نبل وسمو وخلود" وفيلم "اللغة السينمائية عند قدماء المصريين".

تُعدّ سيرة سيداروس تجربة مهمة على أكثر من مستوى، وهي في كتاباتها تؤرّخ وترصد مرحلة ذات أهمية من تاريخ الحركة الشيوعية في مصر (نهاية الخمسينيات وفترة الستينيات)، وتكشف التعسف الذي كان يُمارس ضد الحركة ورموزها في الحقبة الناصرية، من محاكمات عسكرية واعتقالات عشوائية وتعذيب داخل المعتقلات.

كما تفتح رواياتها على قصص إنسانية عاشتها مع السجينات ومنهن أسماء معروفة، مثل إنجي أفلاطون وثريا شاكر وصهباء البربري. إلى جانب ذكرياتها مع زوارهن داخل المعتقل، أمثال صلاح جاهين ومعين بسيسو.

المساهمون