فنسنت عبادي حافظ.. هندسة المدينة بالحروف

فنسنت عبادي حافظ.. هندسة المدينة بالحروف

17 أكتوبر 2017
(من أعمال الفنان)
+ الخط -
دأب غاليري "دافيد بلوك" منذ افتتاحه في مراكش على تنظيم معارض تهتم بفنون الشارع؛ وكان فنان الغرافيتي الفرنسي فنسنت عبادي حافظ أو "زفا"، من الأسماء الأولى التي قدّمتها الصالة، وها هي تعيد تقديمه من خلال معرضه الحالي "غيرة متمدنة" المتواصل حتى السادس من الشهر المقبل.

أعمال المعرض متعددة الوسائط والأشكال، تلجأ إلى عالم من الرسومات البيانية وتتبنى لغة عابرة للأزمنة والثقافات. يقول الفنان، المعروف في أوساط الغرافيتي باسمه المستعار "زفا"؛ في بيان المعرض "أردت أن أكون مهندساً للمدينة الحديثة المنجرفة في تيار مزدوج، بترتيب شظايا الحروف، لتأليف عمارة من الأبجديات الأولية، وأيضاً وسيطاً للعالم الخفي الذي يخترقنا من جميع الجهات. والنتيجة نوافذ شاحبة الضوء تطل على عالم من البيكسل حيث المدينة-الحياة تستحيل إلى خوارزميات".

هذه "الشاشات المشربيات"، كما يصفها زفا، "تقدّم المظهر المعاصر للمراقبة المتعمدة، عبر الوتيرة المتسارعة التي يشهدها عصرنا الحديث فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية الإنسانية التي دشنها ظهور وسائل الاتصال المستحدثة، مكرسة التناقض بين الحاجة الملحّة للمعلومات الفورية ونسيان التقارب".

يقف العمل الفني في منتصف المسافة بين التقاليد العريقة للخط العربي وفن الغرافيتي الذي يتبنى الفنان "لاشرعيته كمدرسة"، وفقاً لتعبيره، إذ يستلهم الفنان دقة الخط واندفاع الحركة، مازجاً دقة فن الحرف العربي واللاتيني بعفوية فن الشارع.

يقول زفا، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن افتتانه بالخط العربي يعود إلى الطفولة المبكرة مع اكتشافه للفنون الإسلامية في متحف اللوفر، ويضيف أنه استوحى من الخط الكوفي والديواني أول أعماله، عزّز ذلك التأثّر إقامته في مدينة مراكش ولقاءاته واطلاعه على تجارب خطاطين عرب؛ أمثال العراقي حسن المسعودي، والجزائري رشيد قريشي والمغربي عبد اللطيف موستاد.

يرى الفنان أن تناسق واستطالة وتشابك وتوازي الحروف فيما بينها يخلق مخططات بيانية تُقرأ كوحدة متكاملة. هكذا تصبح الأعمال، بحسب الفنان، "تجسيداً لجمالية جديدة، مجردة؛ كتابة مبتكرة بأسلوب متحرر".

ويتابع زفا أنه من خلال موسيقى الخط العربي وتمثيل الرموز والعلامات الطقسية كالدائرة والأشكال المختلفة، يعتبر أن عمله الفني يقترب على نحو ما من الممارسات الصوفية، وبإخراجه الحرف من دلالته السيميائية واحتفاظه بجوهره الجمالي الاستطيقي، يمزج الفنان بين حروف من أصول مختلطة مشيداً تعددية بصرية، مثل تلك التي نراها في جدارياته الضخمة المنتشرة في مدن مختلفة والمستوحاة من المعلّقات الجاهلية.

المساهمون