راوي القصة يراقب عن كثب

راوي القصة يراقب عن كثب

14 ديسمبر 2016
(أعمال للفنان الكتلاني أنطوني تابييس)
+ الخط -
إكمال الجملة 

أَلبرتو، يسترجع مواقف مشوّشة ويدمَعُ بلا سبب.
إِلبيرا، ترى وتسمع وتُطنّش، فلطالما تكرّر هذا الشيء، ولطالما سألته بصوت ممطوط، عقب كل دمعة "كِيْ باسا"، دون ردّ.
إلبيرا تذهب للمطبخ، لتُسخّن "غواكامولي" اليوم السابق.
وهي تنتظر جرس الميكروويف، تتناهى إليها نهنهاتُه وقد تحوّلت إلى نشيج. تُخرج الصحن، ومِن على رخامة المطبخ، تُخاطبُه وهو في الصالون، بصوت عال وأجشّ:
ـ لست إلهاً لأمنحك دموعاً أقلّ في شيخوختك ـ هذا الطلب فوق قدرة جميع من أعرفهن. ولا حناناً أكثر من طاقتي. كما لستُهُ لأُرجعَ لكَ ولديْكِ من الدومينكان وآتيك ببيتٍ تدخله الشمسُ، وراتبٍ تقاعدي محترم. إنها محض أحلام وأنا محض زوجة يا حبيبي.
تنتهي من خطابها، وتعبُر باب المطبخ حاملةً الصينية.
ألبيرتو يقوم للمائدة ويضع قماشة الصدْر ويسأل:
ـ اشتقت للتاباس، متى ستأخذينني إلى وسط البلد؟
ـ على أول الشهر .. أول الشهر.
يغني ألبرتو أغنية مرحة من أيام طفولته في القرية، وتبسُمُ إلبيرا لكلمةٍ قرأتها قديماً مفادها أنّ "الشيخوخة: ابتذال"، ثم تستدرك: "لكن غرور النضج، ابتذالٌ أكبر".
ـ بمَ تفكرين يا عزيزتي؟
ـ لا شيء، خطرت على بالي جملة ناقصة وأكملتُها.


أصوات
فاليريو رمته الرِّجْل في غراسيا. شاف الناس زحمة، فهبط على عقبيه، وأنزل الطاقية.
يعبرون ولا ينتبهون.
زملاؤه وبَّخوه كثيراً، في الشهور السابقة.
هُهْ! كي يبيض إستُ الدجاجة، لازم تضغط وتشفط.
فاليريو نقنق ولم يرد.
في اليوم التالي، حاول أن يستعطف ويُلحف، فلم يقدر.
فاليريو طبعه هكذا وهو هكذا.
قام بعد أن اكتفى من الشمس، وصار ينظر في ما وراء الفاترينات.
فاليريو ندّ عنه ـ فجأة ـ صوت .. هَهْ!
كان راوي هذه القصة يراقبه عن كثب، فهرع ليعرف سبب الْ هَهْ.
بعد تلك اللحظة بثوانٍ ندّت عن فاليريو: هاااه طويلة، وفتح فمه.
هذه المرة لم يبذل الراوي جهداً، نظر فقط إلى حيث ينظر فاليريو.
كان مانيكان العرض يلبس طقماً فاخراً أمامهما.
القربطة: 264 يورو.
البنطلون: 363.
السترة: 523.
كلّم الراوي فاليريو، بهدف فتح حديث، والحصول على معلومات تساعده، فلم يفهم فاليريو.
انسحب الراوي بخيبة مؤكدة واستنتاج شاكّ:
هِهْ!.. لعلّه قادم من هناك.
وأشار لجهة خامسة.

المساهمون