ينخلُ كلماتي مثل رملٍ ناعم

ينخلُ كلماتي مثل رملٍ ناعم

19 ديسمبر 2018
راتي ساكسينا
+ الخط -

أجنحة نملة

يقولون ليس للنملة أجنحة
وحتى لو امتلكت أجنحة لا يمكنها الطيران
إذاً، إن لم تتمكّن من التحليق
لماذا معاناةُ ألمِ الأجنحة؟
موتُ النملة يمتطي أجنحتها
إلّا أن الموت ذاته تحليق

بدأت النملة بالطيران
في زرقة ضياء شاحب،
وهم صمتٍ وسط ضجة،
مائلة بأجنحتها نحو الجنوب
نحو الضوء الأصفر، محلّقة
ضدّ حياتها
حاملة في كل خلية تحليقاً
ناشرةً بذور تحليق
من أجل الجيل التالي.


■ ■ ■


لغة الشعر

في رأس قلمي منخلٌ
ينخلُ كلماتي مثل رملٍ ناعم
مع أن بضع كلمات، معانٍ، تهجئات،
كما يقول النقّاد،
تعلقُ في المنخل دائماً،
تحوّل اللغة التي تتكوّن منها
إلى ثرثرة
ولكن لغة الشعر
لا يمكن أن تكون ثرثرة
لن يقبلها النحاة
لهذا من المنخل
أزيل التهجئات والمعاني وحروف العلّة العالقة
أخلطها
أحوّلها إلى لغة
ومع ذلك لا تزال غير شعرية
لأن التصحيحات تثقّبها
فأتركُ المنخل واللغة
لا آخذ إلّا عبارة أطلقها
مثل طائرة ورقية في سماء العاطفة
والآن.. يمكن أن تسير القصيدة على الأرض
وتواجه السماء
والآن لا منخل في رأس قلمي
ولا نقّاد ينظرون إلى شعري.


■ ■ ■


لاجئون

وصلوا إلى هذه الأرض
كما لو عن طريق البحر
مثلما تتشبّث الريحُ
بسارية سفينة، مثل الندى
ذات صباح رطب
في مكان ما من خط الاستواء
أو فراشات في ليالٍ ممطرة
تطير نحو الضوء

بهذا المكان لاذوا
مثل دبابير تتّخذ أعشاشاً
في ثقوب أبواب خشبية عتيقة
أو رسالة وُضعت خطأً في صندوق بريدها
أو إيميل غير مرغوب فيه في البريد الإلكتروني
استوطنوا هذه الأرض
مثلما تطفو قطع ثلج في طاس عصير
مثل طائراتٍ ورقية مشدودة
إلى خرائب المباني

وفي كل ليلة يعودون
على طرق سبخة
حيث تبقع الأرضَ آثارُ أقدام
مثل قشعريرة
عصيٌّ جوعهم
مثل رمادٍ مسودٍّ
عالق في قيعان غور

خطوة إلى الوراء
من أجل خطوة مفاجئة إلى الأمام
ويختفون في غياهب الأرض
تلك التي ليست أرضهم.


■ ■ ■


الضحك صلاة

الضحك صلاة
بحاجة إلى الكثير من التنغيم
ليتحوّل من ضحك مكتوم إلى أغنية
الضحك المكتوم يوقظ الآلهة
ولكن أوّل نغمة في الأغنية
هي التي تتّصل بالزمن
نغمة الضحك الثانية
تنساب من العينين
لا الشفتين

الضحك صلاة
ضد كل المصلّين المتوحّدين
ضد كل الطغاة
الذين يتجاسرون على تسمية ضحكي حماقة.


■ ■ ■


حلمٌ في أرض أخرى

يريدُ ابتسامتها
أن تفترّ عن حلم حياةٍ في أرض أخرى
يريدها أن ترقص
مثل نغمٍ على أوتار كمان
أراد أن يرى في حضنها
فمَ طفل نائم يبلّله الحليب
اعتنى بها
مثل خبز محلّى
للمتعة
كان يحاول حمايتها
من الأسلاك الشائكة
حول ألبانيا وسيبيريا
الطالعة مثل أزهار من حجر
أحبّها أكثر من حبّه لوطنه
إلّا أنه فقدها منذ زمن بعيد
مثلما فقد حلمه
مثل شاب
بعيد عن وطنه الذي يعاديه.


* Rati Saxena شاعرة وكاتبة ومترجمة وأكاديمية هندية مولودة في مدينة أودابور في ولاية راجستان، مختصة بدراسات كتب الفيدا. أصدرت ما يقارب 11 مجموعة شعرية، وعدداً من الأبحاث النقدية الخاصة بشرح الجزء الرابع من كتب الفيدا، آثارفا، أي المعرفة، الذي يمثّل الديانة الشعبية وطقوسها الاجتماعية والحياة اليومية.

** ترجمة: محمد الأسعد

المساهمون