بندر عبد الحميد.. رحيل عن "الضحك والكارثة"

بندر عبد الحميد.. رحيل عن "الضحك والكارثة"

18 فبراير 2020
(1950 - 2020)
+ الخط -

ينتمي الشاعر السوري بندر عبد الحميد (1950 -2020) الذي رحل أمس الإثنين إلى جيل السبعينيات في سعيه إلى تخليص القصيدة من حمولتها الأيديولوجية التي كانت مهيمنة على المشهد الشعري في سورية، والعالم العربي، عبر الاهتمام بالتفاصيل واليوميات العادية التي تصنع الشعر والحياة.

وُلد الراحل في قرية تل صفوك القريبة من الحسكة في شمال شرقي سورية، وأصدر مجموعته الشعرية الأولى "كالغزالة... كصوت الماء والريح" عام 1974، قبل تخرّجه من قسم اللغة العربية في "جامعة دمشق" بعام واحد، وانتقل بعدها إلى هنغاريا حيث درس الصحافة هناك.

عبّرت قصيدة النثر لدى عبد الحميد، كما درسها نقّاد سوريون ضمن موجة الحساسية الشعرية الجديدة، عن مواقف الذات ورغباتها تجاه الكون ممتزجة بنثر يومي يسرد الأحداث والتجارب التي يعيشها الشاعر، ويكشف عن إحساسه بها وطبيعة تفاعله معها.

وقد أصدر عبد الحميد عدّة مجموعات شعرية هي: "إعلانات الموت والحرية " (1978)، و"احتفالات" (1979)، و"كانت طويلة في المساء" (1980)، و"مغامرات الأصابع والعيون"(1981)، و"الضحك والكارثة" (1994)، و"حوار من طرف واحد" (2002).

إلى جانب رواية يتيمة بعنوان "الطاحونة السوداء" (1984)، نشرها في فترة باكرة من تجربته وأشار في أحاديث صحافية أنه "نشرها على عجل"، وتضمّنت وقائع عجيبة عاشها لعدة شهور والتقى أشخاص غريبين في قرية يحكمها المهرّبون والشرطة معاً على الحدود التركية السورية، ويبدو أن الرواية لم تشكل هاجساً حقيقياً عنده لإعادة المحاولة من جديد.

اعتبر كثير من أصدقائه ومتابعيه أن السينما والكتابة حولها كانت شاغله الأساسي، وربما سبقت الشعر في ذلك، وعكست مقالاته في هذا المجال سعة اطلاعه في الفن السابع وتلمسّه تقاطعاته واشتباكاته المتعدّدة مع الثقافة والأدب، فأصدر كتابه النقدي "مغامرة الفنّ الحديث" (2008) عن الفنّ في القرن العشرين، و"ساحرات السينما" (2019).

كما أسّس عبد الحميد سلسلة "الفن السابع" التي واظبت وزارة الثقافة السورية على إصدارها، ثمّ عمل أميناً لتحريرها، وهي تُعنى بنشر الكتب المتعلّقة بالسينما التي جاوزت تسعين كتاباً، عرّفت القارئ العربي على تجارب سينمائية بارزة حول العالم.

في قصيدته "في الحياة، في الموت"، يكتب: في الحياة وفي الموت/ أحبك./ أنت سطوة اليقظة/ تمرد القلب/ فوضى اليوم الأبدي/ الأشياء في التبدل/ في الحياة وفي الموت/ في نزق الجنون/ وفي برهات الظلمة عند شرفة العدم/ أحبك./ وفي الشارع المقفل بالحجارة والجند/ وعلى مفترق الحيرة/ أحبك./ في الحياة وفي الموت/ في حدائق الكراهية/ وفي اليوم المريب/ وعندما يقطف البشر ورودهم المسمومة/ ويتبادلون الفؤوس والرصاص والطعنات/ أحبك.

المساهمون