نيما يوشيج.. فتى الشعر الفارسي

نيما يوشيج.. فتى الشعر الفارسي

12 نوفمبر 2014
الشاعر في بورتريه لـ أنس عوض/ العربي الجديد
+ الخط -

عبر حلقاتٍ يُتلى فيها شعره، يستذكر الإيرانيون شاعرهم نيما يوشيج، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم، ويعتبره أبناء بلده مؤسّساً للشعر الإيراني الحديث، بعد أن شكّل فيه انعطافة من خلال كسره لتقاليد القصيدة آنذاك.

نقلت أشعار يوشيج (1897 – 1959) حالة من الاغتراب والحنين إلى مكان طلق وجده في القصيدة وافتقده في الحياة، فالشاعر الذي عاش في إقليم مازندران شمالي إيران بين الرعاة والجبال، انتقل مراهقاً إلى طهران ليتابع دراسته في مدرسة كاثوليكية. لم يكن يوشيج محبّاً للدراسة، لكنه وجد في الرسم والأدب مهرباً من الصرامة والمدينة. هناك، بدأ الفتى بكتابة الشعر وتعلم الفرنسية والعربية واطّلع على الأدب الغربي، لتظهر تأثيراته على أدبه في ما بعد.

تزامنت نشأة يوشيج مع أوضاع سياسية مضطربة في إيران، إذ بدأت الثورة الدستورية الأولى عام 1906، وظلت البلاد في حالة من التخبط السياسي طوال العشرينيات. ونشر يوشيج في هذه الأثناء أول قصيدة له، بعنوان "قصة شاحبة اللون"، في مجلة "القرن العشرون" لصاحبها الشاعر ميرزاده عشقي، ولكنها لم تحقق له النجاح الذي كان يأمله، وانتقده آنذاك العديد من الشعراء التقليديين ومنهم بهار ومهدي حميد شيرازي.

وفي عام 1922، كانت قصيدة "أيها الليل"، التي لقيت حظاً أفضل من سابقتها، ثم تلتها "الأسطورة"، فوضعت عموداً جديداً في نظم الشعر الإيراني الحر الذي بات يعرف بعد ذلك بالشعر "النيمائي".

ورغم أنها نالت نصيبها من انتقادات الشعراء الكلاسيكيين، لكن يوشيج رد معتبراً إن أسطورته هذه من أشكال المحاورة الطبيعية الحرة، وقد لا يستسيغها بعضهم، وقد لا يرضون عنها بمقدار رضاه هو عنها، مشيراً إلى أن استخدامه لمفردات بسيطة وسهلة مقارنة بتلك التي كانت رائجة قبل ذلك الزمان لها غاية وحيدة وهي إطلاق العنان للغة، وأن بنية قصيدته الطويلة تصبّ في إغناء الفكرة.

وفي عام 1926، كتب يوشيج قصيدة "عائلة الجندي"، وجاءت بعدها "ققنوس" أو "العنقاء"؛ لتأخذ هذه القصيدة الشكل الحقيقي للقصيدة الحرة النيمائية، وتطلق ثورة على الشعر الكلاسيكي.

صحيح أن يوشيج ليس الشاعر الأول الذي كسر قيود الشعر التقليدي، لكنه أصبح أساس وعمود الشعر الفارسي الحديث أو المسمى بالشعر الحر، لفرق واضح بينه وبين محاولات من سبقوه.

ففي الوقت الذي انشغل فيه بعض الشعراء بنظم الشعر الحر بغاية التجديد وتحقيق حرية أكبر للتعبير، بقي مضمون القصائد تقليدياً، بعكس يوشيج الذي غير في الشكل والمضمون معاً، فلم تعد الأبيات متساوية ولا القوافي مكرّرة ولا البناء الداخلي للشعر كما كان في الشعر الفارسي القديم. واستطاع نيما يوشيج، رغم وجود من تمرّد قبله على النظْم القديم، وضع أسس المدرسة الجديدة، وشاركه فيها بعد ذلك أحمد شاملو ومهدي أخوان ثالث وسهراب سبهري والشاعرة فروغ فرخزاد ليصبح هؤلاء رواد الشعر الإيراني المعاصر.

دلالات

المساهمون