وقفة مع أشرف منصور

وقفة مع أشرف منصور

20 ابريل 2020
(أشرف منصور)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته قرّاءه.


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟

- لديّ مشاغل كثيرة هذه الأيام، على المستويين الاجتماعي والفكري. في الأول، يشغلني انتشار فيروس كورونا، وكيف يغيّر من نظرتنا إلى العالم؛ فهذه هي المرة الأولى التي يشترك فيها العالم كله في همّ واحد يواجهه الجميع معاً. ومن جانب آخر، تشغلني مشكلات التعلّم والدراسة عن بُعد وكيفية إجراء اختبارات في هذا الوضع. يجب أن نبدع طرقاً جديدة للتعلم والدراسة أكثر مرونة.

أما على المستوى الفكري، فيشغلني الهوس الديني السائد حالياً، وكأنه قد تمّ غسل عقول شرائح من الناس لدرجة أنهم لا يقتنعون بأي شيء إلّا عن طريق فتوى دينية لأحد الشيوخ. رجال الدين صارت لهم قدرة سحرية عجيبة، بل وأحياناً شيطانية على تحريك الناس والسيطرة عليهم.

أكاديمياً، أشعر بالحسرة والغضب من المستوى المتدنّي الذي وصل إليه البحث العلمي في مجال الإنسانيات خاصة في مصر. عندما أقارن إنتاج الأكاديميا الغربية في حقل الدراسات الإسلامية بإنتاجنا نحن، أشعر بالحسرة وبأن أمامنا أشواطاً كثيرة لنقطعها كي نصل إلى مستوى من البحث والتعمق في دراسة تراثنا.


■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟

- آخر ما أصدرت كتابٌ بعنوان "ابن رشد في مرايا الفلسفة الغربية الحديثة"، وهو محاولة لتتبع أثر فلسفة ابن رشد في الفكر الغربي الحديث من ديكارت إلى فويرباخ، وهو الأثر غير الملاحظ وغير المعترف به من الباحثين الغربيين. والكتاب عبارة عن مجموعة من المقارنات التفصيلية بين ابن رشد وفلاسفة أوروبا المحدثين لمعرفة كيفية تسرّب الأفكار الرشدية إليهم حتى ولو لم يعترفوا بذلك. أمّا كتابي القادم فسيكون عنوانه "التفسير السوسيولوجي للفلسفة: دراسة في المنشأ الاجتماعي للأفكار الفلسفية".


■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟

- أنا راض عن بعض إنتاجي وليس كله، فعدد من الكتب التي نشرتها كانت في حاجة إلى مزيد من البحث، على الرغم من أن هذه الكتب بالذات قد لاقت نجاحاً وحققت انتشاراً، مثل كتاب "الليبرالية الجديدة". أتمنى أن أعيد كتابته مرة أخرى. بشكل عام، تصادفني ككاتب بعض المفارقات، منها أن الدراسة التي أُتمّها على عجل والتي لا أبذل فيها جهداً كبيراً والتي كنت أتمنى أن أوفيها حقها في مزيد من البحث، تلقى إعجاباً شديداً من القراء، ويحدث أن لا تلقى دراسة أخرى بذلت فيها جهداً كبيراً وقدّمت فيها جديداً اهتمامَ القراء.


■ لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟

- كنتُ سأختار نفس المسار الذي أقطعه اليوم، لكن مع تعلم لغات أجنبية أكثر، مثل الألمانية، وبعض اللغات القديمة.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- قبل العالم، أتمنى للعرب والمسلمين أن تنصلح أحوالهم وأن يصيروا جزءاً فاعلاً من العالم المحيط بهم، وأن يكفّوا عن أوهامهم وخزعبلاتهم التي تعيقهم في التفكير والإبداع والإنتاج. أتمنّى أن ترحل كل جيوش الاحتلال عن العالم العربي.


■ شخصية من الماضي تود لقاءها، ولماذا هي بالذات؟

- أتمنى لقاء الكثير من شخصيات الماضي، النبي محمد مثلاً، وأرسطو، وابن رشد، وسبينوزا، وماركس. كنت أتمنى الحوار معهم لمعرفة كيف يفكرون عن قرب.


■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟

- الصديق الذي أفكّر فيه دوماً مات منذ فترة، لن أذكر اسمه. كان مريضاً، لكنني أعتقد أنه لم يصارع المرض بما فيه الكفاية، واستسلم. وهذا ما يجعلني أفكر كثيراً في مسألة إرادة الحياة: هل تنتهي حياة الإنسان عندما يفقد إرادة الحياة ويستسلم للموت؟ ربما. أمّا الكتاب الذي أعود إليه دوماً وخاصة في الآونة الأخيرة فهو كتاب "الدين والتدين" لعبد الجواد ياسين، كتاب عميق للغاية وأكتشف فيه جديداً كلما عاودت قراءته.


■ ماذا تقرأ الآن؟

- بصدد قراءة كتاب وليم جيمس "تنويعات التجربة الدينية" بترجمة الصديقين إسلام سعد وعلي رضا. الكتاب هام جداً لفهم الظاهرة الدينية كتجربة إنسانية، والترجمة رائعة.


■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟

- أنا حالياً أسمع كونشرتو للبيانو لشومان بعزف كاتيا بونياتشفيلي، وأقترح أن تسمعوا أغنية "أنا قلبي دليلي" بأداء ماجدة الرومي.


بطاقة
باحث مصري من مواليد الإسكندرية سنة 1972، يعمل أستاذاً للفلسفة بكلية الآداب في جامعة الإسكندرية. كتب في الفلسفة الغربية والفلسفة الإسلامية والإسلام السياسي وتاريخ الاقتصاد السياسي وسوسيولوجيا الأديان والنظريات السياسية، من أهم أعماله: "الليبرالية الجديدة - جذورها الفكرية وأبعادها الاقتصادية" (2008)، و"نظرية المعرفة بين كانط وهوسرل: دراسة في الأصول الكانطية للفينومينولوجيا" (2016)، و"الرمز والوعي الجمعي: دراسات في سوسيولوجيا الأديان" (2010)، و"العقل والوحي: منهج التأويل بين ابن رشد وموسى بن ميمون وسبينوزا" (2014).

المساهمون