يوسف العاني: نهاية فصل من المسرح العراقي

يوسف العاني: نهاية فصل من المسرح العراقي

10 أكتوبر 2016
(1927- 2016)
+ الخط -
من نشأته في بيت قديم يحتضنه حي الكرخ البغدادي وإلى لحظة رحيله على فراش المرض في إحدى مستشفيات عمّان، محطات كثيرة عاشها الفنان يوسف العاني (1927- 2016) شكّلت أبرز تطوّرات المسرح العراقي المعاصر.

اشتبك العاني، منذ أن كان طالباً في "كلية الحقوق" في "جامعة بغداد"، مع الواقع الاجتماعي والسياسي في بلاده، وقدمّ مع أقرانه في فرقة "جبر الخواطر" أعمالاً ناقدة للمجتمع وأحواله، واستمر فيها حتى قرّر ترك وظيفته معيداً في "كلية التجارة والاقتصاد" وأن يتفرّغ للمسرح.

كان العاني جادّاً في مشروعه الفني منذ بداياته، فأسس فرقة "الفن الحديث" عام 1952، وانطلق منها إلى التجريب في مسارات مختلفةً، وبدأ يكتب أغلب مسرحياته بنفسه، وهو الذي ألّف أكثر من 50 مسرحية.

انتصر مسرحه للمسحوقين والمهمّشين، وبدا واعياً لطبيعة الصراع الاجتماعي في مرحلة ما بعد الاستقلال؛ في العهدين الملكي والجمهوري، وسمات الشخصية العراقية نتيجة اطلاعه المعمّق على التاريخ العراقي، وتشبّع مخيلته بحكايات العجائز في الأحياء الشعبية العراقية، إضافة إلى معرفته الواسعة بالمسرح العالمي.

انعكست رؤيته حيال أمراض المجتمع وتشوهاته منذ أعماله الأولى: "القمرجية"، و"مع الحشاشة" و"طبيب يداوي الناس" و"محامي زهكان"، وغيرها، ثم اقترب من السياسة في مسرحيات: "آني أمك يا شاكر"، و"راس الشليلة"، و"عمر جديد"، و"ستة دراهم" وسواها.

اعتقاله في خمسينيات القرن الماضي أثّر فيه كثيراً، فتكرّس إيمانه بالمسرح وهو الذي علّم رفاقه في السجن التمثيل وقدّم معهم عروضاً عديدة، وحتى بعد الإفراج ظلّ ملاحقاً من السلطة على تغيّر حكّامها بفعل تتالي الانقلابات، ما دفعه إلى مغادرة بغداد في الستينيات للإقامة في بيروت.

حضر في السينما والتلفزيون في أعمالٍ لن تنسى، ومنها فيلم "سعيد أفندي" (1958) المقتبس عن قصّة "شجار" للأديب العراقي إدمون صبري، و"المسألة الكبرى" (1983)، وشارك في فيلم "اليوم السادس" لـ يوسف شاهين.

آمن العاني بالفن فكراً وحياةً وخلوداً، لا يشهد على ذلك امتداد رحلة إبداعه سبعة عقود من دون توّقف، ولا انكبابه على التأليف والتمثيل والإخراج، بل ربما يدّل عليه مواصلته العمل حتى أصيب بنزيف معوي في أثناء فعاليات "مهرجان بغداد الدولي الأول للمسرح" في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، ليعاني المرض طيلة سنوات ثلاث حتى رحيله اليوم.



دلالات

المساهمون