"أسلافنا العرب": لغة موليير مدينة لهم

"أسلافنا العرب": لغة موليير مدينة لهم

16 ابريل 2017
(جان بروفوست)
+ الخط -

إذا كانت عبارة "أسلافنا الغال"، التي ما زال الفرنسيون يكررونها حتى الآن، قد انتقلت إلى مستعمرات فرنسا الأفريقية لربطها بتاريخ وهمي، فإن وجود مجموعة من الكلمات من أصول عربية في لغة موليير أكثر بكثير من تلك التي تعود إلى لغة بلاد الغال القديمة حقيقة واقعية.

فكما يذكر المعجمي الفرنسي، جان بروفوست jean pruvost، في كتابه "أسلافنا العرب، لغتنا مدينة لهم" (صدر الشهر الماضي عن منشورات JC Lattès الباريسية)، فالصورة مختلفة بعض الشيء عن الرواية الوطنية للتاريخ التي تمكّن المؤرخ الفرنسي، إرنست لافيس، من فرضها كتاريخ رسمي لفرنسا، من خلال كتابه الصادر في بداية القرن العشرين "تاريخ فرنسا من بلاد الغال إلى الآن"، والذي كان مرجعاً رئيسياً في المدارس حتى ستينيات القرن الماضي. فلعدم اعتمادها على الكتابة، تعدّ الآثار المتبقية من اللغة الغالية قليلة جداً. وتتمثل في عدد قليل من النقوش التي تحمل عبارات وجيزة وقوائم قصيرة من الكلمات.

ويشير إرنست لافيس إلى أنه "في ظل ملوك كسلاء، كانت بلاد الغال على وشك أن تتعرض لغزو العرب". وهو ما كان قد تحقق في جزء من المنطقة وأتاح للغة العربية فرصة التأثير بشكل مستدام على اللغة الفرنسية.

فمن كلمة كُحول إلى رقم صفر مروراً بغيرهما من الكلمات، تعتبر الفرنسية مدينة بالكثير للعربية. فالعديد من أسماء الأقمشة بالفرنسية يعود إلى أصول استيرادها من العالم العربي والإسلامي كمدينة الموصل، في حين أن كلمة قطن حافظت على نطقها العربي. إضافة إلى كلمات أخرى كالياسمين. ويعود تاريخ اكتشاف تأثير العربية في الفرنسية إلى قرون خلت.

فقبل نشر موسوعة الأكاديمية الفرنسية، لأول مرة عام 1694، كانت الموسوعة العالمية التي أصدرها أنطوان فوريتيير، هي الأكثر استعمالاً في أواخر القرن السابع عشر. وكانت قد جمعت العديد من الكلمات من أصل عربي قد تبدو الآن غريبة لتحويرها أو تغيّر نطقها كالتنورة والسترة والجبر والباذنجان والقهوة والأزرق والمخزن والصرصور والسفاح والقيراط والبقشيش.

ويشير جان فروفوست، الذي جمع من جهته 400 كلمة، إلى ضرورة عدم الاندهاش أمام التغييرات التي شهدتها بعض الكلمات التي تعرضت لعمليات اشتقاق بحسب احتكاكها بلغات وطرق تعبير مختلفة. فقبل أن تدخل كلمة عربية إلى اللغة الفرنسية يمكن أن تكون خضعت من قبل لتأثير الإيطالية أو الإسبانية وغيرهما. إضافة إلى التحوّلات التي يمكن أن تكون من فعل كتّاب مثل تيوفيل غوتيه ورامبو وبلزاك وهوغو وفولتير ولامارتين.

ويحذر كتاب "أسلافنا العرب، لغتنا مدينة لهم" من التسرّع في اعتبار أن أي كلمة تنطق مثل غيرها في العربية قد تكون أصولها عربية. فليس هناك أي علاقة مثلاً بين كلمة الشريف، التي عادة ما تطلق على أحفاد النبي محمد عن طريق ابنته فاطمة، مع كلمة شريف المسؤول عن تطبيق القانون، فشريف بالإنكليزية نابعة من كلمة "شير"، والتي تعني مقاطعة أو منطقة.

المساهمون