طارق عبوشي: خيال الفكرة وواقع الصوت

طارق عبوشي: خيال الفكرة وواقع الصوت

17 ديسمبر 2014
(تصوير: جون روجرز)
+ الخط -

في رحلة أشبه ما تكون برحلة سؤال فلسفي، انطلق الموسيقي الفلسطيني طارق عبوشي من الموسيقى الكلاسيكية الغربية، تحديداً من البيانو، لتكون لغته الأم موسيقياً. وكمن لم يجد ضالته، ذهب لدراسة موسيقى الجاز في جامعة "وليم باترسون" الأميركية، بينما كان يتعمق في دراسة آلة البزق ويكثّف اهتمامه بالموسيقى الشرقية.

في نيويورك، وجد عبوشي فرصة للبحث في معظم القوالب والأنماط الموسيقية في مكان واحد، ما جعل شغفه في تنوع المعارف قابلاً للإشباع، متذوقاً وعازفاً ومؤلفاً. عن ذلك يقول: "دراسة الأنواع الموسيقية ومعرفة أدق الأسباب التي تجذب المستمع إليها، ومن ثم تشرُّبها حتى تصبح أقرب ما يكون للغةٍ خاصة بي، يجعل المزيج الموسيقي طبيعياً وبعيداً عن الافتعال، حتى إنني أستخدمه كقالبٍ موسيقي واحد".

نستطيع أن نلمس أثر هذا التوجّه في ألبومه الأول "One" الذي صدر عام 2005، وصاحبته فيه فرقته التي تأسست في خريف عام 2000 في نيويورك باسم "Shusmo"؛ أي "شو اسمه". يتنقل العمل بين أفكار موسيقية تمزج المقام العربي وأجناسه، وتمر بالأشكال الإيقاعية، لتصل إلى القوالب الشرقية. بقي هذا التوجّه لدى عبوشي وتبلور، متبنياً الفكرة الموسيقية كأساس ومحور التأليف والتوزيع الموسيقي، وقد ظهر أثر ذلك في "Mumtastic" ألبومه الثاني الذي صدر عام 2011.

لا يؤلف عبوشي الموسيقى استناداً إلى موضوعاتٍ مسبقة، بل إنّه لا يكتبها لآلةٍ محددة أيضاً، فهاجسه الفكرة الموسيقية التي يتعامل معها كأنه كاتب وهي "شخصية مستقلة في رواية ما" وفق تعبيره، مضيفاً: "أعيشها وأطلق لها العنان وأسير معها ضمن معطياتها الخاصة، وعند التلحين هناك حالة من الهوس ألاحق فيها الفكرة".

ولعل توجه المؤلف الشاب إلى الموسيقى الإلكترونية كان أمراً محتماً في سياق رحلة بحثه، وربما لم يجد ضالته فيها، فهي لا تتعدى أن تكون وسيلة جديدة قادرة على ربط خيال الفكرة بواقع الصوت. إلا أن هذه المرونة التي قدمتها الموسيقى الإلكترونية لعبوشي خلقت له تحدياً لدى محاولة مزج وتوظيف مقامات البيات والسيكاه والهزام.

وردّاً على انتقاد استخدام الموسيقى الإلكترونية لكونها نتاج أصوات غير طبيعية يعلّق عبوشي: "إنّ الآلة الإلكترونية التي تحاول تقليد صوت آلة طبيعية ستفشل بالتأكيد. أما الصوت الإلكتروني فهو صوت جديد يمكن توظيفه. وكل عصر له صوته الخاص، وأنا أعتقد أن الإلكترونيات هي إحدى هذه الأصوات الآن، وأميل موسيقياً للتعبير عن هذا الزمن باستخدام مفرداته، فلا بد من الاستفادة من ابتكارات هذا العصر والتعبير عن زماننا".

طارق عبوشي في خضم رحلة موسيقية جديدة يبحث فيها عن الصوت أياً كان، فكل فكرة هي لحن وإيقاعٌ محتملَان وكل صوت هو آلة جديدة. يقوم حالياً بنشر ألحانه عبر الإنترنت، مؤكداً تراجع أهمية إصدار الألبوم، فهو - كما يقول - أمر لم يعد ضرورياً.

صفحة الفنان على ساوند كلاود

المساهمون