طلاب يشتكون التمييز العنصري في بريطانيا

طلاب يشتكون التمييز العنصري في بريطانيا

19 يناير 2017
طلاب "SOAS" متعددو الأعراق (فاكوندو آريزابالاغا/ فرانس برس)
+ الخط -
يحتدم الجدل في بريطانيا حول اتهام طلاب سود وغير أوروبيين إدارة كليتهم ومناهجها التعليمية بالتمييز ضدّهم

أثار التقرير السنوي الصادر عن اتحاد طلاب "مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية" (SOAS)، وهي كلّية تابعة لجامعة لندن، الكثير من الجدل، في الأيام القليلة الماضية. جدل لاقى بيئة خصبة في وسائل الإعلام التي تناولت القضية بمقاربات مختلفة.

من جهتها، كتبت صحيفة "ديلي ميل" عن التقرير الذي حمل عنوان "مستويات العنصرية"، أنّ الطلاب يشتكون فيه من المحاضرين البيض من كبار السن (60 عاماً وما فوق) وعجزهم أو عدم قدرتهم على تعليم السود والأقليات العرقية. في المقابل، قالت إدارة الجامعة، في بيان لها، إنّ التقرير يقدّم نظرة ثاقبة عن آراء مجموعة من طلاب "SOAS"، الأمر الذي يساهم في إثارة مناقشات إيجابية حول كيفية تقديم منهج أكاديمي أكثر قوّة وصلة بالطلاب من جميع الأعراق.

لم تختلف قراءة بعض الصحف البريطانية للتقرير، إذ راوغت حول حقيقة ما ورد فيه، وكتبت أنّ الطلاب السود والأقليات العرقية تعتقد أنّ تفاعلها أثناء فترة الدراسة يتأثّر بالتمييز العنصري والإقصاء في البيئة التعليمية، نتيجة تفوّق عدد المحاضرين البيض من كبار السن على نظرائهم من السود والأقليات العرقية، فضلاً عن استثناء الطلاب السود والأقليات العرقية من المناقشات الصفّية، بالإضافة إلى تعليقات عنصرية صريحة، نتجت عن كلّ من الأساتذة والطلاّب البيض. وأضافت أنّ اتحاد طلاب "SOAS" يطالب بتعديل منهج الدراسة نفسه وإلغاء تقديم بعض الفلاسفة البيض فيه من أمثال ديكارت وكانط وأفلاطون.

وكتبت صحيفة "ذا غارديان" أنّ القضية أثارت غضب الصحافة اليمينية في البلاد، حتى راحت تكتب بدهشة عن تلك المطالب. قدمت الصحيفة الوقائع بأسلوب أكثر منطقية، وفسّرت وجهة نظر اتحاد الطلاب الذي يرى أنّ معظم الفلاسفة في مناهجهم الدراسية هم من أصول أوروبية بيضاء. وجلّ ما يطالب به الاتحاد هو أن تعدّل تلك المناهج لتشمل عدداً أكبر من الفلاسفة من أفريقيا وآسيا، على أن يجري التدريس عن الفلاسفة البيض حين تدعو الحاجة إلى ذلك. ولفتت الصحيفة إلى أنّ الأمر يبدو منطقياً لو نظرنا إلى طبيعة كلية "SOAS" لناحية عدد الطلاب غير البيض الكبير.

وفي بيان صادر عن إدارة الكلية نفسها، أفادت بأنّ التوصيات والاستنتاجات لا تعكس، بالضرورة، وجهة نظر مجتمع الكلية بأكمله، بيد أنّها تساعد في إشعال مناقشة مثمرة. ولفتت إلى أنّها تقدّر مساهمات جميع الموظفين والطلاب حول هذا الموضوع.

من جهته، يعتبر الدكتور نمر سلطاني، من كلية "SOAS"، المسألة أكبر من مجرّد حصرها في تمييز عنصري. يقول لـ "العربي الجديد" إنّ القضية مبنية على عدم فهم صحيح لمطالب اتحاد الطلاب، لذلك أصدرت الجامعة بياناً أظهر أنّ اتحاد الطلاب لم يرفض وجود الأساتذة البيض لكنّه احتجّ على هيمنة هؤلاء على المناهج الأكاديمية في التعليم العالي في الغرب عموماً.

يتابع سلطاني أنّ التمييز جارٍ على عدّة مستويات، ومنها إجراءات التوظيف، وغياب التمثيل الكافي عموماً في الجامعات البريطانية للنساء والسود والأقليات والمهاجرين. وهناك إحصائيات بأعداد النساء والسود والمهاجرين القليلة بين المحاضرين. ويتساءل: "هل هذا يعني أنّهم أقل كفاءة أو قدرة؟" ويجيب: "بل هناك مشكلة في كيفية بناء المجتمع وطريقة التعيينات". يشرح أنّ النظام الاقتصادي السائد في المجتمع البريطاني لا يستثمر بما يكفي في تمويل المدارس والضمان الاجتماعي ولا يضمن إمكانيات متساوية لجميع الطلاب. لذلك، لا يمكن الحديث عن الموضوع واختصاره في العنصرية، حتى لا يجري التركيز على الأقليات، بل على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

يضيف: "هناك بيض من تلك الخلفيات لا يجري تمثيلهم في الجامعة، بيد أنّ الفقراء أو السود والمهاجرين هم الأضعف اقتصادياً. وغالبية الطلاب الفقراء أو متوسطي الحال يرتادون مدارس حكومية فيتخرّجون منها ضعيفي المستوى عموماً، وذلك لعجز أهاليهم عن تكبّد أقساط التعليم في المدارس الخاصّة، فيدخل الكثيرون منهم الجامعات وهم دون المستوى الأكاديمي المطلوب". ويردف: "الكثير من الطلاب لا يطالعون إلا في ما ندر، ويتهرّبون من ذلك بشتّى الطرق، أي لا يبذلون المجهود الكافي للحصول على درجات علمية جيّدة". ويلفت إلى أنّ "من المهم الفصل بين ادعاءات التمييز العنصري مقابل الجودة، وعدم حجب انعدام الجودة بادعاءات التمييز من جهة، أو استخدام حجة الجودة للتمييز ضد النساء والسود والأقليات من جهة أخرى".

بدورها، تقول الشابة البحرينية لولوة الزين، التي تخرّجت من "SOAS"، لـ"العربي الجديد"، إنّها لم تعانِ بتاتاً من أي شكل من أشكال العنصرية. على النقيض من ذلك، ترى أنّ "SOAS" واحدة من أفضل الجامعات، وفيها يشعر الطالب بأنّه محبوب لما هو عليه، وتعلّمه الكلّية كيف يتعامل باحترام مع الجميع. وعن المحاضرين الذين درّسوها، تقول الزين إنّهم كانوا جميعاً لامعين ويحترمونها وزملاءها: "المسألة بسيطة: حين نعمل بجهد نحظى بدرجات جيدة، وإن لم نبذل المجهود الكافي جاءت درجاتنا متدنية".

المساهمون