كانوا وقود الثورة.. فهل أكلتهم؟

كانوا وقود الثورة.. فهل أكلتهم؟

13 يناير 2015
مصير مجهول للشباب الذين كانوا وقود الثورة (Getty)
+ الخط -

في الفترة التي كان فيها الكثير من التونسيين يخشون حتى مجرّد الضغط على زر الحاسوب للاطلاع على ما يحصل في البلاد والعباد في محافظات سيدي بوزيد والقصرين وتونس العاصمة.. كانوا هم من يزود المواقع الإلكترونية والتلفزيونات الدولية بمواد مصورة عن التنكيل والانتهاكات التي يتعرض لها المحتجون، بعد أن قام محمد البوعزيزي بحرق نفسه في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010.

وواصلوا ما شرعوا فيه من تغطية لأحداث الثورة التونسية، في وقت كانت أغلب وسائل الإعلام التونسية، إن لم نقل كلها، تتحدث عن إنجازات بن علي لفائدة تونس طيلة حكمه.

وبقي السؤال بعد أربع سنوات من نجاح الثورة التونسية في إسقاط بن علي.. أين هم الآن؟
وسام التليلي الذي عُرِف في الشبكة العنكبوتية خلال فترة القمع بـ"محافظ نورملاند"، التقاه "العربي الجديد" في أحد الشوارع الخلفية للعاصمة التونسية، حدثنا عند بداية إنجازه لفيلم قصير.

كان محبطا مما آلت إليه الثورة التونسية، إحباط تفضحه عيونه وكلماته الحزينة، لم يتوقع يوما أن ينتهي ما قاموا به إلى هذا المآل، فالثورة لم تحقق ولو النزر اليسير من أحلامها الكبيرة، الشغل.. الحرية.. الكرامة الوطنية، كلمات تحولت لأيقونة الثورة التونسية، لكنها اليوم أصبحت مجرّد شعارات جوفاء سقطت في اللامعنى.
وسام التليلي 


بنية تونس
"بنيَّة تونسية" مثقفة وناشطة، عُرفت بصولاتها المحلية والدولية إبان الثورة التونسية، من تكون؟ إنها المدونة والأستاذة الجامعية "لينا بن مهني"، إحدى أيقونات الثورة التونسية، وناقلة صداها لكل المحافل الإعلامية الدولية من خلال مدونتها "بنيَّة تونسية" وإصداراتها الفيسبوكية.

لينا تتقاسم مع وسام شعور الإحباط لما آلت إليه الثورة التونسية، ولكن ما يزيد من أساها، سجن صديقتها المخرجة التونسية إيناس بن عثمان، وهو ما اعتبرته لينا مؤشرا إلى العودة للمربع الأول من قمع الحريات، وهي تقود اليوم حملات يومية لمناصرة إيناس وتدعو إلى وقفات احتجاجية حتى يتم الإفراج عن المخرجة السينمائية التونسية.

وترى لينا بن مهني، أن وضع شباب الثورة التونسيين بعد مرور أربع سنوات على ثورتهم، أصبح موجعا، فصديقها الإعلامي والمدوّن وواحد من الذين غطوا الثورة التونسية زمن التعتيم، سفيان الشورابي، مفقود في الأراضي الليبية منذ قرابة أربعة أشهر بصحبة زميله نذير القطاري.

مفقودون!
سفيان الشورابي، الذي كان الجميع يراه دائما في الشوارع التونسية، يتمنطق كاميرا ليوثق كل اللحظات التونسية، افتقدته شوارع المدينة التي خبر كل أركانها وصوّر وكتب عن كل لحظاتها.

كذلك تفتقد المدينة واحدا من فرسانها، قد تختلف معه، قد لا تعجبك آراؤه، لكنك لن تستطيع، وإن حاولت، أن تتجاوز مساهمته في التعريف بالثورة التونسية من خلاله نشاطه الإلكتروني ونشره صور وأحداث الثورة التونسية، بهدف فك العزلة الإعلامية عنها.
إنه المدوّن والناشط الإلكتروني ياسين العياري، الذي يقبع الآن داخل إحدى السجون التونسية لنشره أخبارا ومعلومات قدّرت المؤسسة العسكرية التونسية أنها تمسّ بالأمن الوطني.

هؤلاء بالغياب والسجن والإحباط تفتقدهم الثورة التونسية في ذكراها الرابعة، لكن العزم والإصرار لم يفتقدهم بعد، فلينا بن مهني كما وسام التليلي وسفيان الشورابي وياسين العياري وفاطمة آرابيكا وهناء الطرابلسي وسليم عمامو وغيرهم من المدونين، الذين تفتحت أزهارهم أيام الجمر، مصرون على مواصلة المسيرة.. هي طويلة نعم لكنها تستحق ما يبذل فيها من عناء.