ملابس صديقة للبيئة في الضفة الغربية

ملابس صديقة للبيئة في الضفة الغربية

12 نوفمبر 2017
حفاظاً على التراث والبيئة (برنامج مدوّر)
+ الخط -

أصرّت الشابة الفلسطينية هند هلال من بيت لحم جنوبيّ الضفة الغربية المحتلة، على دخول مجال تصميم الملابس وتفصيلها، على الرغم من دراستها الهندسة المعمارية في جامعة بيرزيت وتوفّر فرصة عمل لديها، خصوصاً أنّ والدها مهندس معماري. وهند، منذ صغرها، يستهويها تصميم الملابس وتفصيلها، وقد تمكّنت أخيراً من متابعة دورة في الخياطة لتفتح بعدها مشغل خياطة صغيراً في بيت لحم.

قبل أيام، أنهت هند وعدد من زملائها المصممين، مشاركتهم في مسابقة لإعادة تصميم ملابس من ثياب قديمة مُعاد تدويرها ومن مواد صديقة للبيئة أعيد تدويرها. والمسابقة نظمتها مؤسسة عبد المحسن القطان في رام الله من ضمن برنامج "مدوّر" الذي أطلقته المؤسسة بإشراف مصمم الأزياء الفلسطيني رامي قشوع المقيم في الولايات المتحدة الأميركية.

و"مدوّر" مشروع سنوي يُدرج في سياق برنامج مؤسسة القطان العام، ويأتي مختلفاً في كلّ عام، بهدف ترسيخ فكرة التدوير التي تأتي في مجالات مختلفة، ومنها استحضار الأعمال الأدبية وإعادة إنتاجها. وهذا العام، أتى المشروع في سياق إعادة تدوير الملابس القديمة والأغراض الصديقة للبيئة لإنتاج ملابس جديدة.

تقول منسّقة مشاريع البرنامج العام في مؤسسة عبد المحسن القطان، دانا عباس: "حاولنا ربط مجال تصميم الأزياء بالملابس الشخصية، وبحثنا عمّا يمكننا إعادة تدويره من بقايا أقمشة في المصانع أو من ملابس قديمة تبرّع أصحابها بها. كذلك بحثنا عن بقايا أدوات بلاستيكية أو مفروشات أو حتى أكياس الخيش المستخدمة في البناء".



وتشرح عباس لـ "العربي الجديد" أنّه "قبل البدء بمشروع إعادة التدوير وإنتاج ملابس جديدة، اختارت مؤسسة القطان خمسة مصممين من بين 13 مصمماً تقدّموا للمشاركة في المسابقة. وراح كل مصمم ينتج تصميمه الخاص، المستوحى من الموضة العصرية ومن التراث الفلسطيني، ثمّ عرضها في بعض المحال في سوق رام الله، وصولاً إلى تقديمها إلى الجمهور من خلال عارضات". تضيف أنّ الهدف كان "بثّ الحياة فيها وإيصال رسالة إلى الناس لدفعهم إلى الاهتمام بتلك البقايا وعدم تلفها".

المصممون المشاركون في البرنامج خضعوا إلى تحديات عدّة، راحوا في كلّ تحدّ منها يصممون ويفصّلون ملابس جديدة متنوّعة من ملابس قديمة وأغراض صديقة للبيئة، وقد استوحوا أفكارهم من الملابس التي يفضّلها الناس ومن ملابس تراثية فلسطينية. في السياق، تقول هند لـ"العربي الجديد" إنّ "التحدي الأصعب هو تصميم ملابس من علب كرتون فارغة ومن أكياس البلاستيك على سبيل المثال"، مضيفة إلى أنّ "تلك الملابس وعلى الرغم من أنّها قطع فنيّة فهي عمليّة كذلك". وتتابع: "أنا استفدت من تلك الدورة، لا سيّما من خبرة المصمم رامي قشوع"، مشددة على ضرورة "عدم التخلّص من الملابس القديمة عبر رميها، بل إعادة تصميمها حتى تُلبَس من جديد".



وتخبر هند أنّها لم تدرس تصميم الملابس على الرغم من اهتمامها به، "لعدم توفّر اختصاص جيّد في هذا المجال في فلسطين"، لافتة إلى أنّها سوف تعمل مستقبلاً على "المواءمة بين حبّي لتصميم الملابس والهندسة المعمارية التي استفدت منها كثيراً في تصميم الملابس".

من جهته، حسام العمري من قرية فقوعة شرقيّ جنين، شارك كذلك في مسابقة "مدوّر". وهو كان قد أنهى في العام الماضي دراسته في مجال تصميم الأزياء في جامعة فلسطين التقنية "خضوري" في مدينة طولكرم. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "إعادة تدوير الملابس فكرة جديدة ومميّزة نستطيع من خلالها استغلال القديم بشيء جديد. أمّا هذا المشروع فهو فرصة جميلة بالنسبة إليّ وخطوة أولى كي أثبت نفسي وأعرّف الناس إليّ كمصمم أزياء. كذلك كان المشروع فرصة للتعلّم من مصمم أزياء عالمي". وحسام يفكّر حالياً بفتح مشغل خاص به في جنين، مستنداً إلى ما تعلمه من إعادة تدوير الملابس القديمة. ويشير إلى أنّ "إعادة إنتاج ملابس جديدة من أشياء كنّا نريد التخلص منها، طريقة مبتكرة. والأمر يتوقّف على مهارة المصمم حتى لا تظهر تلك الملابس الجديدة بأنّها مصنوعة ممّا هو قديم، وتأتي متناسبة مع الموضة العصرية".



معن عليوي من مدينة نابلس، كما حسام، تخصص في تصميم الأزياء في جامعة فلسطين التقنية "خضوري" وتخرّج في العام الماضي. بالنسبة إليه، فإنّ "إعادة تدوير الملابس تجربة كبيرة في حياتي"، وسوف يعتمد عليها لمواجهة كلّ من قال له إنّه سينتهي في آخر المطاف مجرّد خياط، لأنّه درس تصميم الأزياء. وتلك التجربة بحسب ما يؤكد معن "تظهّر طاقات الشباب وتدعمها وتعزّز الثقة بالنفس". ويشدّد معن لـ"العربي الجديد" على أنّ "تجربتي في مسابقة مؤسسة القطان، علّمتني كيف أعمل تحت الضغط". وما يهمّ معن اليوم هو "كيفية إنتاج ملابس فلسطينية محليّة ذات جودة وتصميم مميّز بعيداً عن تلك المستوردة"، ويفكّر في إنشاء مشغل خاص به وتجربة إعادة تدوير الملابس القديمة من ضمن مشروعه الخاص. ويدعو معن إلى عدم التخلّص من الملابس القديمة التي لا يرغبون فيها عبر رميها، إذ في الإمكان إعادة إنتاجها والاستفادة منها وتدويرها، فيحصلون على قطعة ملابس جديدة.

المساهمون