ناجيات من العنف يكسرن الصمت

ناجيات من العنف يكسرن الصمت

06 ديسمبر 2015
تحدثن للعلن وأمام الرأي العام (فرانس برس)
+ الخط -
غالباً ما ترفض النساء اللواتي يتعرّضن للعنف المنزلي التحدث عن الأمر. ربما يخشين تفاقم الأمور، حتى ولو كان الحديث مع الأهل والمقربين. يعشن في خوف وخشية من ازدياد حدة العنف إذا ما أخرجن الموضوع خارج جدران المنزل أو حتى خارج حيّزهن النفسي الخاص. وإذا أرادت المنظمات المدنية أو الإعلام ذلك، فهو يتم بكثير من الحذر عبر إخفاء وجوه النساء وتغيير نبرة أصواتهن لئلا تكشف هويتهن.

لذلك، حين نسمع عن امرأة "ضحية" للعنف أو ناجية منه، نستطيع أن نتخيل ملامحها أو نضع وجهاً لها. وهكذا نترك المجال للمخيلة. نضع في مخيلتنا ما يصلنا من الصور "الكليشيه" عن النساء المعنفات: كدمة زرقاء قرب العين. كدمة أخرى ودم سائل على الأنف أو الفم. ربما تكون جالسة على الأرض تحضن نفسها، ورأسها بين يديها. نطوّر في أذهاننا صورة كليشيه عن النساء "ضحايا" العنف.

سارة وهلا وزينة (أسماء مستعارة) هن نساء جميلات. قاومن وتحدين وضعهن واستطعن إنهاء العنف المنزلي الذي تعرضن له. ظهرت هذه النساء في الفيديو الذي أطلقته منظمة "أبعاد" في لبنان بمناسبة حملة الـ16 يوماً الدولية للقضاء على العنف ضد النساء بلا إخفاء للوجه ولا تغيير لنبرة الصوت. لأول مرة ربما تتحدى النساء أنفسهن ومجتمعهن والمتوقع منهن، ويخرجن للعلن بكامل قوتهن وجمالهن. زينة بعينيها الجميلتين، وهلا بابتسامتها القوية، وسارة بتعابير وجهها الهادئة، يبعثن على الأمل والحبّ. سارة وهلا وزينة نجون من العنف المنزلي.

ننحو في الأدبيات الجندرية إلى استخدام مصطلح "ناجية" من العنف وليس "ضحية" عنف، وذلك لاعتبارات مبدئية. مصطلح "ضحية" يحمل مضامين السلبية والرضوخ. حين نسمع أو نقرأ عن "نساء ضحايا العنف" قد نصاب بالإحباط والحزن. قد نتصور تلقائياً نساء منعزلات، خاضعات، ليس لديهن السيطرة على وضعهن أو واقعهن ولسن قادرات على المقاومة. أما حين نعرف عن نساء ناجيات من العنف، قد نمتلئ بالأمل. نتخيل تلقائياً نساءً قويات استطعن اتخاذ قرار أو ربما فعل لمواجهة واقع عنفي ما، وقدرتهن على تخطي وضعية العنف وإن تدريجياً.

تحدثت زينة وهلا وسارة. تحدثن للعلن وأمام الرأي العام. تحدثن كي يكنّ قدوة لغيرهن من النساء. ليشجعن أخريات على كسر الصمت. لكن في الوقت الذي كن يتحدثن فيه عن تجربتهن بقوة وإصرار، كان زوج إحدى "ضحايا" العنف الذي قتل زوجته قد خرج بقرار من الهيئة الإتهامية في جبل لبنان بموجب "كفالة مالية ضامنة" تبلغ نحو 13 ألفاً و600 دولار أميركي. خروج النساء عن الصمت هو خطوة أولى، عسى أن يُسمع صداها في منظومة القضاء والمجتمع ككل.

(ناشطة نسوية)

اقرأ أيضاً: عن أيّ عنفٍ نتكلم؟

دلالات

المساهمون