غزّة في حاجة إلى مدرّسين

غزّة في حاجة إلى مدرّسين

10 ديسمبر 2016
تنظّم الطابور (إيمان عبد الكريم)
+ الخط -

يعاني قطاع التعليم في غزة العديد من المشاكل، نظراً إلى صعوبة الظروف الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالقطاع المحاصر وتؤثر في أبرز مجال حيوي.

تعيش وزارة التربية والتعليم العالي في قطاع غزة أزمة كبيرة بسبب عدم توفر عدد كافٍ من المدرسين. وهي أزمة مستمرة منذ عام 2014. تحاول الوزارة سنوياً البحث عن حلول عملية وخلاقة لضمان نجاح العملية التعليمية في مدارس القطاع، من دون التسبب في تفاقم الأزمة، لكنّ ذلك ينعكس سلباً بدوره على الأداء التعليمي للتلاميذ والمدرسين في آنٍ واحد.

يحتاج القطاع حالياً إلى 300 مدرّس إضافي بحسب مدير عام الشؤون الإدارية في الوزارة رائد صالحية. هذه المشكلة في حاجة إلى حلّ عاجل خلال هذا العام الدراسي كما يقول لـ"العربي الجديد". يضيف: "تحاول الوزارة تعويض النقص الحاصل من خلال وزارة العمل وصندوق التشغيل المؤقت بتوفير مدرسين متعاقدين، فاحتياجات الوزارة من المدرسين كبيرة وتزداد يوماً بعد يوم". يبدي صالحية خشيته من الدخول في الفصل الدراسي الثاني من عام 2016-2017 من دون معرفة أفق الأزمة.

يشير كذلك إلى أنّ هناك عجزاً في المدرسين في مواد اللغة الإنكليزية والفيزياء والكيمياء، مضيفاً أنّ المناهج الجديدة تعتمد على تخصصات ومهارات لا يمكن لمدرّس في تخصص آخر أن يدرّسها بالحرفية والاتقان نفسهما. ويحذّر صالحية من استمرار هذه الأزمة خصوصاً أنّ الحاجة إلى المدرّسين في تصاعد مستمر.

وفي عملية البحث عن حلول، تتواصل وزارة التربية والتعليم مع وزارة المالية في غزة، من أجل توفير أعداد من العقود السنوية للمدرسين. ويؤكد صالحية أنّ الوزارة لم تتلق رداً بالإجابة أو الرفض في هذا الخصوص. كذلك، تتواصل الوزارة مع وزارة العمل وصندوق التشغيل لتوظيف عدد من المدرسين لسدّ جزء من هذا الاحتياج.

يقول صالحية: "ستنتهي عقود مجموعة من المدرسين خلال الفصل الدراسي الحالي، وقد طالبنا وزارة العمل بتمديد العقود حتى نهاية الفصل الأول، وسد احتياجات الفصل الثاني، وحصلنا على وعود بالنظر بشكل جدي في طلبنا". يعتبر صالحية أنّ هذه الأزمة ستؤدي إلى خلل في استقرار التحصيل العلمي لدى التلاميذ، وهم الذين يعتمدون على المدرّس منذ أول يوم دراسي حتى نهاية العام. كذلك، تنعكس آثاره السلبية على المدرسين الذين لن يتمكنوا من تقييم التلاميذ علمياً ومعرفياً في فترة وجيزة.

قد تتغير في أيّ لحظة (إيمان عبد الكريم)


وتأتي الحاجة إلى مدرّسين جدد في ظل الزيادة السنوية للتلاميذ، فمتوسط عدد التلاميذ الجدد في كلّ عام يصل إلى 8 آلاف. وفي بداية هذا العام كان العدد أكبر من المتوقع مع دخول 12 ألف تلميذ جديد. كذلك، فإنّ أبرز الأسباب المؤدية إلى عجز في عدد المدرّسين الاستقالات والتقاعد وحالات الوفاة والإجازات من دون راتب، وإجازات الأمومة. يضيف صالحية: "المشكلة الأكبر التي نواجهها أنّ هناك كلّ يوم ما بين 200 الى 250 تلميذاً ليس لديهم مدرّسون، ولا نستطيع دمج الصفوف المكدسة أساساً. في السنوات الماضية كان متوسط عدد التلاميذ في كلّ فصل ما بين 40 إلى 45... حالياً يوجد ما بين 55 و60 تلميذاً في كلّ فصل".

يؤكد صالحية أنّ الوزارة تعاني من برنامج العقود، بالإضافة إلى تزايد عدد المعلمين المطلوبين، خصوصاً أنّ هناك أكثر من ألف مدرّس مريض، ما بين أمراض مزمنة وأمراض خطيرة: "هؤلاء لا يقدمون المطلوب منهم للتلاميذ ويحتاجون إلى الراحة، لكن لا نستطيع إقالتهم أو إحالتهم إلى المعاش".

بدورها، تقول فاطمة عبد الله، وهي أم لطفلتين، هما أمل في الصف السادس وسمر في الصف الثاني، لـ"العربي الجديد" إنّ مدرسة طفلتيها جيدة: "لكنّ ابنتيّ تواجهان صعوبة في الدراسة، فابنتي أمل تعشق مادة اللغة الإنكليزية وكانت تتحدث عن مدرّستها بحماسة، وبعد فترة وجدتها قد بدأت في إهمال درس اللغة نظراً لتغيير المدرّسة التي كانت تعمل بعقد ثلاثة أشهر وانتهى عقدها بعد انتهاء الفصل الدراسي الأول". وتواجه ابنتها الأخرى سمر المشكلة نفسها، فقد تعلقت بأسلوب مدرّستها، ومع تغييرها بدأت في إهمال دروسها، ما أدى إلى تدهور في تحصيلها.

في المقابل، تصف المدرّسة سناء عثمان الوضع الدراسي بالصعب. تقول لـ"العربي الجديد": "مخطئ من يظن أنّ الظروف السياسية لا تؤثر على مناحي الحياة كالتعليم والصحة وهما أكثر مناحي الحياة حساسية وتأثراً بالأوضاع". تؤكد عثمان أنّ تغيير المدرسات مع كلّ فصل لا تكمن صعوبته على مستوى التلاميذ فقط بل ينسحب على المدرسين المتعاقدين الذين يشعرون بالقلق حول مصيرهم بالإضافة الى المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقهم في البدء من جديد مع كلّ فصل".