30 في المائة من الأردنيّين بلا تأمين صحي

30 في المائة من الأردنيّين بلا تأمين صحي

10 نوفمبر 2019
يتلقى العلاج (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -
نسبة لا بأس بها من الأردنيين محرومة من التأمين الصحي، علماً أن هذا حق لجميع المواطنين ولا يجب أن يخضع للمساومة
ما لا يقلّ عن 30 في المائة من الأردنيّين لا تتمتع بتأمين صحي، ما يجعل التأمين الصحي في الأردن أزمة قائمة وملحة، وبالتالي يتوجب على الحكومة الأردنية إيجاد حلول جذرية من أجل شمول جميع المواطنين في التأمين الصحي، استناداً إلى أسس عادلة وواضحة.

رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز أعلن في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في إطار حزمة من الإجراءات الحكومية لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، أن الحكومة ستكشف قبل نهاية العام عن برنامج يحقّق التأمين الصحي الشامل عام 2023. ويقول الخبير في حقوق الإنسان وأخلاقيات المهن الصحية ومستشار الطب الشرعي هاني جهشان، لـ "العربي الجديد": "وعود التأمين الصحي للجميع أكذوبة زائفة. للأسف، لا يمضي يوم إلا ونسمع مواطناً يستجدي العلاج لنفسه أو لأحد أطفاله عبر المواقع الإلكترونية أو يشحذ هذا العلاج من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو يناشد وزيراً، أو يتضرع لمدعي وجاهة"، معتبراً أنه "من المعيب تسوّل حق. فالصحة حق والعلاج بالتساوي حق والعلاج بكرامة حق".




يضيف جهشان: "من حق جميع المرضى الأردنيين أن توفر لهم الرعاية الطبية تلقائياً، وبإجراءات معلنة وقابلة للتنفيذ الفوري. ولا مجال للتراخي والانتهازية عندما تتعرض حياة مواطن أو طفل أو طفلة أردنية للمرض أو الموت".

وأظهر استطلاع للرأي أعدّه مركز الدراسات الاستراتيجية – الجامعة الأردنية، في منتصف الشهر الماضي، ويتعلق بالقطاع الصحي في الأردن، أن 69,6 في المائة من الأردنيين تملك تأميناً صحياً، و30,4 في المائة غير مشمولة بالتأمين. كما بيّنت النتائج أن عدم توفر الأدوية بشكل دائم يعدّ من أهم المشاكل التي تواجه القطاع الصحي في الأردن، بحسب 18 في المائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم. والمشكلة الثانية، بحسب 13 في المائة من المستطلعة آراؤهم، هي عدم شمول التأمين بنود وأدوية واحتياجات المرضى، ثم اكتظاظ المرضى (10 في المائة)، ونقص الكوادر (7 في المائة)، وتدني مستوى الخدمات للمراجعين (7 في المائة)، وعدم كفاءة الكوادر الطبية وتكرار الأخطاء (5 في المائة).

وتضاربت الأرقام الرسمية المنشورة في الإعلام المحلي على مدى السنوات الأخيرة حول أعداد المؤمنين صحياً في الأردن، وتتراوح ما بين 69 و87 في المائة. لكن بحسب الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي للأعوام 2016-2020، بلغت نسبة تغطية سكان الأردن بالتأمين الصحي لعام 2015، 55 في المائة.

وحول حقوق المواطنين بالحصول على تأمين صحي، يقول الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة الأردنية راضي الجوارنة لـ "العربي الجديد": "نسبة المؤمنين صحياً، استناداً إلى دراسة أعدتها شركة أ.أ مهنا أندكو ليمتد عام 2017، هي 67 في المائة، في وقت يجرى حالياً تحديث قاعدة بيانات المؤمّنين للوصول إلى النسبة الممثلة لغاية تاريخه".



وفي ما يتعلّق بالخدمات الصحية المقدمة لغير المؤمّنين، يوضح الجوارنة أن وزارة الصحة تتعامل مع غير المؤمّنين بأشكال مختلفة بحسب تعليمات محدّدة. فإذا كان الفرد ممن ينطبق عليه دعم صندوق المعونة الوطنية، فباستطاعته الحصول على تأمين صحي مدني، أي مثل الموظفين الحكوميين المشتركين في التأمين. وفي حال كان دخل الأسرة الشهري أقل من 300 دينار (نحو 420 دولاراً)، فبإمكان المواطن الحصول على بطاقة تأمين صحي له ولأسرته.
يضيف الجوارنة أن هناك تأميناً صحياً للأفراد الأردنيين استناداً إلى نظام التأمين الصحي المدني، وهو تأمين اختياري، يستطيع الفرد الانضمام إليه طواعية، وبحسب الفئة العمرية، ويكون الدفع مقدماً، لافتاً إلى أن أي مواطن يتعرض لوعكة صحية يستطيع مراجعة وحدة الديوان الملكي الهاشمي للحصول على إعفاء طبي.

في هذا الإطار، يقول الخبير في حقوق الإنسان هاني جهشان: "هناك عقبات أمام المواطنين للتحول إلى المراكز الطبية المتخصصة كمركز الحسين للسرطان أو الخدمات الطبية الملكية أو المستشفيات الجامعية، بسبب تعليمات وإجراءات بيروقراطية غير مبررة"، مشدداً على حق المواطنين بتوفير القدر الكافي من المرافق الصحية العمومية والمستلزمات والخدمات والبرامج الطبية، وأن تكون المرافق والخدمات مناسبة علمياً وطبياً وذات جودة ليستفيد منها الجميع.

يضيف جهشان أن فوضى التأمين الصحي في الأردن تشكّل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان الصحية، خصوصاً أن التغير مستمر في أنظمة التأمين التي تستهدف في الأعم والأغلب خفض النفقات لصالح ميزانية الحكومة على حساب المواطن، عدا عن غموض وفوضى الإجراءات المتعلقة بالإعفاءات الطبية لغير المنتفعين بالتأمين الصحي، والتي تحتاج إلى إجراءات معقدة وتقارير طبية لا يتم الحصول عليها بسهولة. يتابع: "ما من مبرّر واحد حقيقي للتأخير في تنفيذ التأمين الصحي للجميع، وهو حق يهدف إلى تحقيق الأمن الاجتماعي الذي يوازي الأمن في مواجهة مخاطر الجريمة والعنف والإرهاب. كما أن ضبط النفقات الحكومية بواسطة التقطير في علاج المواطن هو انتهاك بحد ذاته لحقوق الإنسان بالحياة والصحة والعلاج"، مطالباً بإلغاء كل الجهات التي تمنح إعفاءات وتحويل تمويلها لصندوق تأمين صحي موحد، كخطوة في اتجاه التأمين الصحي للجميع".

ويطالب الحكومة بتوفير التمويل للتأمين الصحي لكل القطاعات الصحية الحكومية والعسكرية والجامعية بالتساوي، وضمان خدمات صحية بنوعية مهنية جيدة إن كانت مقدمة للمنتفعين من صندوق المعونة الوطنية أو القطاع الحكومي أو القطاع العسكري، أو إلى الوزراء والأعيان والنواب، إضافة إلى شمول غير المنتفعين حالياً لأن معاناة المرض من الناحية الإنسانية لا تفرق بين طبقة اجتماعية وأخرى.



في هذا الإطار، لا يمكن تجاهل تصريحات صحافية لوزير الصحة الأردني سعد جابر، قبل شهر تقريباً، أعلن فيها أن ما يدفعه المشتركون للتأمين الصحي سنوياً هو 56 مليون دينار، في مقابل 480 مليوناً تدفعها الدولة، داعياً إلى وضع دراسة شاملة ووقف الإعفاءات، أو أن يدفع المواطن جزءاً منها على الأقل.

المساهمون