كامل الحواش: لن يطول تهجير الفلسطينيين

كامل الحواش: لن يطول تهجير الفلسطينيين

18 مايو 2016
يجب عدم التفكير في الإسلاموفوبيا كثيراً (رسم: أنس عوض)
+ الخط -

في معظم المناسبات المتعلّقة بالقضيّة الفلسطينية، أكانت في الشارع (تضامناً أو مقاطعة أو تظاهرات وغيرها) أو في أي مكان آخر، تجد البروفسور كامل الحواش. هذا الرجل، يسعى من خلال تنقله بين بيرمنغهام (حيث يعمل ويعيش) ولندن، إلى دفع أعضاء البرلمان إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية حيال قضية شعبه، لأنّ بريطانيا "تتحمل مسؤولية تاريخية عمّا حلّ بالفلسطينيين".

العارفون به يتحدثون عنه أكثر مما يفعل هو. يقول الصحافي والناشط الفلسطيني نواف التميمي: "كما العلم الفلسطيني حاضر في مهرجانات التضامن والمناصرة وتظاهرات الاحتجاج والاستنكار، كذلك فإنّ الحواش يحضر أيضاً. لا يغيب عن أيّ مناسبة لدعم فلسطين. يقدّم الحقائق للمستمعين وينقل معاناة شعبه. يؤمن بأنّ فجر الحرية آتٍ ولو بعد حين". بالإضافة إلى عمله مع "حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني" في بريطانيا ومشاركاته مع حملة المقاطعة العالمية لإسرائيل "بي دي أس" ونشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي، يعمل الحواش أستاذاً جامعياً.

هو ابن القدس وإن لم يولد فيها. في حرب عام 1967، كان في الخامسة من عمره، وعرف علم فلسطين لأنّ أمّه كانت تحيكه. لبعض الوقت، لم يكن يستطيع زيارة جدته في أريحا كما في كلّ عام. لم يستمرّ الأمر طويلاً لأنّ والديه من حملة الجوازات الأردنية. يقول: "كنت مدهوشاً بالمسجد الأقصى وجمال الطبيعة. كنت في العاشرة من عمري حين عرفت معنى الاحتلال".

في الخامسة عشرة، انتقل إلى بريطانيا. درس الهندسة المدنية في جامعة مانشستر، ثم تخصص في إدارة المشاريع. في الوقت الحالي، يكمل مشواره العلمي كمحاضر في جامعة بيرمنغهام، وقد بات رئيس قسم الهندسة المدنية فيها.

في سبتمبر/ أيلول 2015، أنهى الحواش رئاسته للجمعيّة الأوروبيّة للتعليم الهندسي، علماً أنه كان أول عربي يتبوأ منصباً كهذا. لا ينسى الحواش أصله. يقول إنّ أهله قدّموا التضحيات وقد أصرّوا على أنّ التعليم هو "أهمّ سلاح لنا كفلسطينيين". ويلفت إلى أنّ تركيزه على التعليم "فتح له آفاقاً كثيرة. اللغة ليست كل شيء. الأهم هو الوصول إلى العقول البريطانية".

يذكر أنه تعرّف على العمل الميداني المتعلّق بفلسطين من على مقاعد الجامعة. في ذلك الحين، "ظنّ كثيرون أنّ القضية الفلسطينية سوف تُحلّ بعد اتفاقية أوسلو (1993)، ما انعكس على النشاط العام للجاليات". لم يمض وقت طويل حتى أُثبت العكس، وأصبح أحد أعلام حركة التضامن مع فلسطين، وصار يعقد لقاءات كثيرة مع مجموعات تسافر إلى فلسطين.




قبل 13 عاماً، صار يشارك في "مشاريع التوأمة بين مدن بريطانية وفلسطينية"، ما أثمر عن مشروع توأمة بين رام الله ومدينة بيرمنغهام. من خلال مشاريع كهذه، تتبادل المدينتان الخبرات، وهو ما أدّى إلى تأسيس جالية فلسطينية في بيرمنغهام.

كثيراً ما يشارك الحواش مع "حملة التضامن مع فلسطين"، التي بات لديها 30 فرعاً في مدن مختلفة، وقد كان رئيساً لها في سنوات معينة. هذه الحملة تنظّم نشاطات عدّة تهدف إلى التأثير على الرأي العام والضغط، بهدف تغيير السياسات البريطانية حيال القضية الفلسطينية، من خلال حثّ المواطنين على الكتابة إلى أعضاء البرلمان المنتخبين في مناطقهم لاتخاذ مواقف حاسمة من الاحتلال. يقول: "هذه مسؤولية تاريخية في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية".

في عام 2005، استجابت حركة التضامن لدعوة حركة "بي دي إس" لمقاطعة إسرائيل، وتبّنت مع مؤسسات أخرى حملة المقاطعة التي اعتمدت على العمل الميداني والسياسي والمجتمعي، خصوصاً الضغط على أعضاء البرلمان. وركّز على عمله ضمن حملة التضامن التي تنظّم سنوياً نشاطاً كبيراً في ذكرى النكبة.

يدرك الحواش أهمية استخدام مواقع التوصل الاجتماعي لإيصال الأفكار التي يريدها، خصوصاً أنه قادر على التواصل بسرعة أكبر مع أبناء بلده الذين يعانون. وكان لهذه الوسائل دورها في الضغط على أعضاء البرلمان لاتخاذ موقف إيجابي يدعو الحكومة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وكان لحركة التضامن والمقاطعة دور كبير في سحب شركات دولية استثماراتها ووقف مشاريعها في الأراضي المحتلة وعدم تجديد عقودها مع الاحتلال الإسرائيلي. خلال لقاءاته الصحافية، يتحدث عن أهمية شمولية المقاطعة والتأثير على قرارات البلديات في بريطانيا التي تراعي المعايير الأخلاقية في اختيار المناقصات. ويشرح أنّ عدم المقاطعة وسحب الاستثمارات يساهمان في تعزيز قوة الاحتلال واستمرار نهب الأراضي الفلسطينية.

يأمل الحواش أن يكون الجيل الشاب في أوروبا قادراً على استغلال الفرص للاندماج ودخول المجالات العلمية والمنافسة والابتعاد عن عقلية الانعزال. يقول إنّ وضع الفلسطينيين يختلف عن بعض العرب القادرين على العودة إلى بلادهم بعد التخرّج، مضيفاً أنّ كلّ الأنشطة التي يشارك فيها الفلسطينيون في المهجر تصبّ في اتجاه حق العودة. ويشير إلى أهميّة عدم الإمعان في التفكير في الإسلاموفوبيا واعتبارها معوّقاً. يقول: "والدتي محجبة وتقود سيارتها ولم يضايقها أحد، بل إنّ بعض الشباب البريطانيين يساعدونها في حمل الأغراض ويفتحون الباب لها. الصورة ليست سيئة إلى هذه الدرجة وأتمنى ألا تصبح كذلك".