شواطئ الإسكندرية مقبرة للمصطافين

شواطئ الإسكندرية مقبرة للمصطافين

22 يوليو 2017
في مياه البحر الأبيض المتوسط (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

ارتفع عدد الغرقى من المصطافين المصريين على شواطئ الإسكندرية إلى 21 غريقاً خلال موسم الصيف الجاري، 15 منهم خلال الأيام الأربعة الماضية. وهؤلاء بمعظمهم من شباب أبناء محافظات أخرى قصدوا المدينة الساحلية لقضاء إجازتهم الصيفية. وقد انتقد البعض الأجهزة المسؤولة في المحافظة لعدم استعدادها جيداً لموسم الصيف وعدم تأمين منقذين بحريين، وكذلك عدم توفير إشارات إرشاد تنبّه السبّاحين خلال وجودهم في مياه البحر الأبيض المتوسط.

وطالب عدد من نواب محافظة الإسكندرية بغلق بعض الشواطئ إذ إنّها أصبحت خطرة على المصطافين، خصوصاً مصيف النخيل في منطقة العجمي التي تُعدّ أشهر مناطق الإسكندرية. وهو ما أكّده أخيراً عضو مجلس النواب عن دائرة سيدي جابر، حسني حافظ، واصفاً هذا الشاطئ بـ"المقبرة" لا سيّما بعد تكرّر حوادث الغرق الأخيرة في نطاقه، نظراً إلى عدم وجود أيّ فرق إنقاذ فيه في ظل ارتفاع حركة الأمواج. وقد شدّد حافظ على ضرورة تأمين أفراد مدرّبين على عمليات الإنقاذ على شواطئ الإسكندرية، بالإضافة إلى تطوير العيادات والإسعافات الأولية هناك وتزويدها بسيارات إسعاف مجهّزة. أضاف أنّه لا بدّ من وضع إرشادات وإشارات استدلال على الشاطئ للإشارة إلى المناطق الخطرة، وذلك بهدف توفير الأمان والحماية للمواطنين من الغرق والحفاظ على أرواحهم.

في السياق، أطلق ناشطون على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي حملة حذّروا من خلالها المصطافين من نوع من الدوّامات يسمّى "الساحبة" عند شاطئ النخيل نتيجة وجود حفر عميقة في رمال البحر. وقد تسببت تلك الدوّامات في غرق عدد كبير من المصطافين، الأمر الذي دفع هؤلاء الناشطين إلى المطالبة بإغلاق الشاطئ لما يمثله من خطورة على أرواح مرتاديه. وأشار هؤلاء إلى أنّ المسؤولين في المحافظة يعلمون بتلك الكارثة لكنّهم "ودن من طين وأخرى من عجين"، خصوصاً أنّ الشاطئ مهمل منذ عام 2004.




في كل عام، يقصد الإسكندرية آلاف من المصطافين، الأمر الذي يؤدّي إلى ارتفاع أسعار الشقق وتعرفة دخول الشواطئ، لا سيّما بعد اختفاء الشواطئ المجانية بصورة واضحة. يُذكر أنّه لم يتبقَ سوى خمسة شواطئ تديرها المحافظة بعدما جرى تأجير الشواطئ كلها للمستثمرين. في منطقة أبو قير على سبيل المثال، شاطئان هما "شاطئ البحر الحي" و"شاطئ برديس" تديرهما وزارة الإنتاج الحربي، فتبلغ تذكرة الدخول إلى كلّ منهما خمسة جنيهات مصرية للشخص الواحد بعدما كانت محدّدة بجنيهَين اثنَين خلال العام الماضي. ويضمّ كلّ من الشاطئَين كبائن تؤجّر باليوم، ويتراوح إيجار اليوم الواحد ما بين 70 جنيهاً (نحو أربعة دولارات أميركية) و150 جنيهاً (نحو تسعة دولارات). إلى هذَين الشاطئَين، يأتي شاطئ خالد بن الوليد في منطقة ميامي، حيث نجد فنادق شعبية رخيصة التكلفة تتحوّل في الصيف إلى وحدات للاصطياف وفي الشتاء إلى وحدات سكنيّة للطلاب المغتربين. يُذكر أنّ بدلات الإيجار تبدأ من 70 جنيهاً في اليوم. كذلك، تقع في شارع خالد بن الوليد أشهر الأبراج التي يقصدها المصطافون وهي أبراج "أمون" التي تتراوح بدلات إيجار الشقة السكنية الواحدة فيها ما بين 150 جنيهاً لتصل حتى 400 جنيه (نحو 23 دولاراً) في اليوم. وهذه الشقق تطلّ على البحر. أمّا في منطقة بير مسعود التي تقع على مقربة من منطقة ميامي، تبدأ أسعار الشقق فيها من 150 جنيهاً في اليوم للأسرة الكاملة، وينشط هناك عدد من السماسرة الذين يتواصلون مع المصطافين.

إلى مناطق الغلابة تأتي المناطق الخاصة بالأثرياء، منها منطقة ستانلي التي تضمّ شاطئاً خاصاً يشمل كبائن متميّزة تطلّ على كوبري (جسر) ستانلي وهي كبائن مستأجرة منذ سنوات من المحافظة. كذلك ثمّة كبائن أخرى تملكها بعض النقابات مثل نقابة الصحافيين والموسيقيين والسينمائيين، تبدأ بدلات إيجار الكابية الواحدة فيها من 400 جنيه في اليوم. وثمّة كبائن قريبة من البحر تصل بدلات إيجارها إلى 600 جنيه (نحو 34 دولاراً) في اليوم. أمّا بدلات إيجار الشقق المفروشة المطلة على كوبري ستانلي فتبدأ من 500 جنيه (نحو 28 دولاراً) في اليوم. تجدر الإشارة إلى أنّ بعض أصحاب الشقق في عدد من الأبراج الجديدة يفضّل التعامل بالدولار الأميركي وليس بالجنيه المصري.

ويقول الخبير في معهد بحوث الشواطئ في الإسكندرية الدكتور محب مينا إسكندر لـ "العربي الجديد" إنّه "لا يمكن النجاة من نحو 30 نقطة غرق في مياه شواطئ الإسكندرية، حتى وإن حاول المنقذون البحريون إنقاذ الضحية". ويشرح أنّ "تلك النقاط تقع في نطاق جغرافي شديد الخطورة، تزداد فيه التيارات المناخية الشرقية والغربية، نتيجة تغيّر درجات الضغط والحرارة وتغيّر حركة الرياح. وهو الأمر الذي يؤدّي إلى ارتفاع الأمواج في البحر بسرعة كبيرة". ويلفت مينا إلى أنّ "دور المحليات كبير هنا في ما يتعلّق بمنع وقوع تلك الحوادث، من خلال وضع تعليمات مشدّدة وإشارات خاصة بعدم تجاوز نقاط معيّنة لتفادي أيّ أخطار ممكنة".