مواسم "الورد" و"الحشيش" في مصر

مواسم "الورد" و"الحشيش" في مصر

25 سبتمبر 2015
أحد محال الزهور في القاهرة (فرانس برس/ GETTY)
+ الخط -
على كرسي خشبي، يجلس طه واضعاً قدماً على قدم، ومتكئاً على سور أبيض صغير، واضعاً يداً على خده، وبالثانية يمسك كوباً من الشاي، وبجواره عشرات الأواني الحديدية المطلية باللون الأبيض، المليئة بالورود من كل الأشكال والألوان.


في واحد من محلات الزهور الكبرى في ميدان ركسي، بحي مصر الجديدة، شرق القاهرة، يعمل طه منذ ما يقرب العامين، ولكنه يعمل هذا المجال منذ نحو عشر سنوات، فهو "فلاح ابن فلاح، ورث حب الزراعة من والده".

طه، من قرية صغيرة في محافظة بني سويف، ثاني أفقر المحافظات المصرية، وفقاً لتقرير التنمية البشرية لعام 2014. أكمل تعليمه المتوسط، وانخرط في سوق العمل. خرج طه من القرية الفقيرة إلى المدينة الصاخبة، ليواجه عالماً جديداً بالنسبة له، ويقول: "أتعامل مع كل أنواع الزبائن، بدءاً من البواب الذي يشتري الزهور لسكان العمارة التي يحرسها، والشباب المتحابين وطلاب الجامعات، إلى السيدة التي تزور المحل ومعها جروها الصغير".

يقول طه وهو شاب في العشرينات، ذو ملامح مصرية أصيلة: "كنت سابقاً أعمل في محل بشارع مصطفى النحاس في مدينة نصر، واشترى صاحب المحل زهوراً بما يقرب من 24 ألف جنيه قبل عيد الحب، كان ضغط العمل كبيراً جداً، فما كان منه إلا أن أخرج من جيبه قرصين من حبوب ترامادول، وضعهما في لفافة منديل، وسحقهما، ثم أعطاني المسحوق وقال: "اذهب للقهوة المجاورة، وقل لهم يعملولنا طقم شاي معتبر وأعطه هذه اللفافة وهو سيفهم".

اقرأ أيضاً: ابتسامة بائع الورد

والترامادول مادة مخدرة ومسكن قوي للآلام، ويندرج ضمن الأدوية الممنوعة التي تؤخذ فقط بإرشادات الطبيب في معظم الدول العربية، وهكذا صمد طه ورفاقه بالعمل لمدة 48 ساعة، حتى انتهى عيد الحب، وفرغ المحبون من شراء الزهور.

مواسم الشغل كما يقول طه، هي في الأعياد الرسمية كعيدي الفطر والأضحى، والمناسبات الخاصة مثل أعياد الأم والحب، فضلاً عن فصل الصيف الذي تكثر فيه مناسبات الزفاف وخلافه.

الورود والزهور موجودة لدى طه قبل عيد الأضحى بعدة أيام، لذلك تبدو ذابلة بعض الشيء، ما برره بأن "المقاولين الذين يوردون له الزهور يومياً، أخبروه بأن دودة هاجمت محاصيل الورد وأفسدت كميات كبيرة منه، وباقي المحصول الذي تفتح قليلاً، لن يتم قطافه إلا قبل العيد مباشرة لضمان أرباح الموسم الجديد".

اقرأ أيضاً: ورد دمشق في المغرب: قطف الحبّ بأسوأ سجن سياسي

يبدو طه محباً لعمله، يتقنه ويحسن معاملة زبائنه، لكنه أبداً لا يتفاوض في سعر الورود "دي تعليمات صاحب المحل، هو من يحدد الأسعار، ونحن مجبرون على البيع وفقاً للاتفاق معه"، يقول طه. ويتابع "الورد البلدي بألوانه يتراوح سعره من ثلاثة إلى خمسة جنيهات بحسب حجم الوردة، أما عصفور الجنة بألوانه البنفسجي والأصفر والبرتقالي فيرتفع سعره إلى عشرة جنيهات، وزهور الأستر البيضاء، يبدأ سعرها من سبعة جنيهات، والأمر نفسه مع زهور التوليب والسوسن".

أما الورد المستورد، فسعره مرتفع، ولا يشتريه صاحب المحل إلا بعد الطلب، لتصميم باقة لعروس أو لتزيين سيارة زفاف، أو بالتوصية لهدية قيمة، بحسب طه.

وعقب عيد الأضحى مباشرة، ينظم طه حفل زفاف على الطريقة الشعبية بقريته الصغيرة في بني سويف، حيث تحضر الأغاني الشعبية، والرقص البلدي بالحصان، ولا مانع على حد قوله، من وجود بعض المخدرات كـ"الحشيش" لإحياء الليلة المليئة بالصخب والتفاصيل، إلا الورود، فليس لها مكان هناك.

اقرأ أيضاً: فلّ اليمن.. زهور تقاوم حربا

المساهمون