ليالي الظلام والصقيع في الحسكة والقامشلي السوريتين

ليالي الظلام والصقيع في الحسكة والقامشلي السوريتين

06 فبراير 2017
ثلوج في الحسكة السورية (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

بالتزامن مع موجة صقيع ومنخفض جوي يضرب المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من سورية، يعاني أهالي مدينتي الحسكة والقامشلي من ندرة المحروقات في مناطقهم، والتوزيع غير العادل الذي تتولاه جهات الإدارة الذاتية الكردية.

يقول رودي الكردي، من مدينة الحسكة، إنها "المرة الأولى التي تتدنى درجات الحرارة في المنطقة إلى 10 درجات تحت الصفر ليلا، ودرجتين تحت الصفر نهارا. من النادر أن تتساقط الثلوج في ريف الحسكة. لم نعش موجة برد كهذه من قبل".

ويشير أيهم الذي يعيش في مدينة القامشلي، إلى "مشكلة تجمد المياه في الخزانات والأنابيب بسبب شدة البرد. لم نحصل على الماء من الحنفية لأنها متجمدة، المدينة باتت كتلة متجمدة، هناك صعوبة بتشغيل السيارات من شدة البرد، ويمكن أن تتوقف في أية لحظة على الطريق، لا يوجد أحد يمشي في السوق، معظم المحال مغلقة. الصقيع والثلج يغطي الشوارع، وهناك رياح شديدة البرودة تعصف بالشارع، يمكن أن تتجمد بمجرد وقوفك عدة دقائق".

وكانت مجالس الأحياء المعروفة باسم "كومين"، في محافظة الحسكة والتابعة لحزب الاتّحاد الدّيمقراطي الكردي"، قد امتنعت عن توزيع الدفعة الثانية من المازوت على المواطنين بحجّة عدم وجود كميات كافية.

 أبو محمد من حي الكورنيش يروي أنّه "تم توزيع المادة من قبل "كومين" الكورنيش، الذي يمثل الإدارة المحلية هنا على من يحضرون اجتماعاته فقط. عائلتي مكونة من خمسة أطفال، ودوامي يبدأ في الثامنة صباحاً حتى الثالثة عصراً، لا يمكنني حضور هذه الاجتماعات، ولا رغبة لدي بإظهار ولائي للإدارة حتى أحصل على المازوت، لكن ما ذنب الأطفال؟".

بدوره، يؤكد باز أحمد من الحسكة، والذي عمل كبائع محروقات سابقا، أن "مادة المازوت متوفرة وتوجد بكميات كبيرة لدى التّجار، لكنّهم يقومون بتصديرها لمناطق خارج المحافظة، خاصة المناطق التي سيطرت عليها قوات "سورية الدّيمقراطيّة" حديثاً، وذلك لبيعها بأضعاف سعرها في الحسكة، وتحقيق ربح أكبر".

ويقول محمود بدران من الحسكة "هناك بعض المحطات التي تبيع كميات قليلة بأسعار مضاعفة، نضطر للوقوف لساعات طويلة في الطوابير، رغم أنها لا تبيع أكثر من 25 لتراً لكلّ عائلة، وهي كمية لا تكفي أكثر من ثلاثة أيّام".

ويشير إلى أنّ "هناك من يستطيعون تحصيل كميات من خارج المدينة بأسعار أغلى أيضاً، لا يستطيع الجميع دفع هذه المبالغ. كما أن حواجز (الأساييش) في مداخل الحسكة تمنع دخول أكثر من 25 لتراً، وتفرض مخالفات نقدية في حال وجود كميات أكبر، مع من يرغبون دخول المدينة".

وانعكس فقدان المازوت على تشغيل المولدات الكهربائية في أحياء المدينة، فاضطر أصحاب العديد من المولدات للتوقف عن تشغيلها، ليمضي الأهالي لياليهم الباردة في الظلام أيضاَ.

وفي هذا السياق، يقول رضوان حمي، وهو صاحب مولد كهرباء "يمتلك صاحب كلّ مولد كهرباء رخصة خاصة من الإدارة الذاتية، لمنحنا كميات كافية لتشغيل المولدات من محطات الوقود، إلّا أنها توقفت عن تزويدنا بمستحقاتنا في الأيام الماضية، لذا اضطررنا لإيقاف مولداتنا وقطع الكهرباء عن المواطنين".

كما يشتكي أهالي المدينتين من قيام إدارة "حزب الاتحاد الديمقراطي" بتصدير المحروقات إلى النظام السوري، عبر شاحنات وصهاريج كبيرة، تمر أمام أعين المواطنين في مدن وبلدات محافظة الحسكة، مع العلم أن مصدر هذه المحروقات هو آبار النفط التي تسيطر عليها القوات الكردية.

وكان سعر لتر المازوت الذي يورد من مصافي الإدارة إلى محطات الوقود يبلغ 40.5 ليرة سورية، وسعر ليتر المازوت عند الذين يعتمدون على الحراقات البدائية بين 45 إلى 50 ليرة، إلا أن الأسعار تضاعفت في الأيام الماضية، ووصل سعر اللتر الواحد إلى 150 ليرة.

ويلفت عبدالرحمن عمشي، أحد باعة الوقود بمدينة عامودا، إلى أنّ "الكميات الواردة من المحروقات تضاءلت نسبياً حتى قطعت عنهم بشكل نهائي بقرار من هيئة الطاقة. إذ ارتفعت الأسعار إلى ما بين 125 إلى 150 ليرة".

كذلك، يبيّن صاحب أحد الحراقات البدائية، ويدعى عبد العزيز، أن سبب ارتفاع أسعار المازوت هو تخفيض كمية النفط الخام التي يستلمونها من إدارة "حزب الاتحاد الديمقراطي"، مؤكداً أن "كميات النفط الخام التي نستلمها تقلصت إلى النصف أو دونه، لذلك لا يمكن لحراقاتنا تأمين مستلزمات المنطقة من مادة المازوت. أصبح الطلب يفوق العرض، لذا الأسعار في ارتفاع، كما أن الإدارة لم تعد تسمح لنا ببيعها للباعة وتجبرنا على تسليم مشتقات النفط للهيئة".

وعن سبب تخفيض كمية النفط الواردة لهم يقول إن "الإدارة بدأت تصدير الوقود إلى خارج المنطقة، الأولى عبر نقل مادة المازوت إلى منبج ومحافظة حلب، حيث تُباع المحروقات هناك بأسعارٍ تصل إلى ما يقارب الـ200 ليرة، والثانية أنّ إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي تصدّر النفط الخام للنظام السوري، وبالتحديد إلى مصفاتي بانياس وحمص عن طريق صهاريج كبيرة وأخرى محمّلة على شاحنات".