مبادرة لبنانية... "السجن لا يُعطل الأمومة"

مبادرة لبنانية... "السجن لا يُعطل الأمومة"

06 مارس 2017
أطفال أثناء زيارة أمهاتهم في سجون لبنان (حسين بيضون)
+ الخط -

لم يُعطل اصطفاف أكثر من عشرة مصورين لالتقاط لحظة لقاء الأم السجينة بأطفالها الثلاثة في الغرفة الجديدة داخل سجن النساء في ثكنة "بربر الخازن" في العاصمة اللبنانية بيروت، هذا اللقاء، بل طغى صوت أنفاس الأم وهي تحدث طفلها الأصغر، على صوت العدسات.

ووصل أربعة أطفال لأُميّن سجينتين باكراً إلى السجن، في اليوم المُقرر لافتتاح غرفة المناظرة الجديدة برعاية جمعية "زونتا كلوب"، لفتح المجال "أمام الأطفال لتمضية الوقت مع أمهاتهم بعيداً عن السجينات، في وضع شبه طبيعي وفي مكان ينسيهم مآسيهم، بالتزامن مع عيد الأم".​

ولأن السجن لا يُعطل الأمومة، تزينت الغرفة التي موّل تأثيثها مصرف محلي، بالألوان وببعض كتب الأطفال والألعاب البسيطة.

وحملت تهاني، كبيرة أشقائها، أخاها الصغير وساعدته على رسم وجه ضاحك. تركت الطفلة المدرسة لتهتم بأخويها الصغيرين، مع غياب الأم في السجن وعمل الوالد معظم ساعات اليوم لتأمين قوت الأطفال الثلاثة.

يغلب الضحك على حديثها، حتى تصل إلى الموضوع، الدراسة، فتختفي البسمة. تريد أن تعود إلى الصف، لكنها تستسلم للواقع. تأذن السجانة بخروج الوالدة من زنزانتها التي تقضي فيها عقوبة لجرم فضّلت عدم الحديث عنه، فأسكت صوت فتح القفل الغليظ جميع الحاضرين. دخلت السيدة إلى الغرفة الملونة، وحضنت أطفالها الثلاثة معاً.

تاه أصغر الأطفال بين الأرجل، لكنه وجد ضالته برجل والدته التي عصرها. حملته وقبلته كثيراً، مع حرصها على عدم إظهار وجهها للعدسات. كما كانت واضحة في طلبها بعدم ظهور وجه أي من أبنائها أمام الكاميرات.
أما ماركو، الطفل الرابع، فانتظر وقتاً أقل، وكان لقاؤه أقل حميمية لضيق الوقت. قضى الطفل وقته قبل لقاء أمه في اختراع أسماء رددها على مسامع الصحافيات، على أنها اسمه الحقيقي. أعجبه الاهتمام، لكنه رفض الحديث أمام الكاميرات. لم يُعجبه شكل الزيارات السابقة التي كانت تتم عبر شباك وباستخدام الهاتف، لكنه فرح اليوم في حضن والدته.

نحو تحسين ظروف السجينات في لبنان (فيسبوك)  


خرجت السيدتان من زنزانتين من الزنازين متوسطة الحجم التي تضم كل منها بين 3 و5 سجينات، علما أن عدد السجينات هو 64.

وتقول أقدم السجانات، زهراء علام، إن الرقم يزيد وينقص، وأن عدد السجينات الأمهات حالياً هو 30. وتسمح إدارة السجن للأهالي والأطفال بزيارة قريباتهن ثلاثة أيام أسبوعياً، "وتحتاج المحكومات إلى إذن مُسبق للزيارة، بينما تتم زيارة الموقوفات دون إذن".

وتراعي آمرة السجن، ملاك مراد، أوضاع السجينات الأمهات، فتسمح لهن بلقاء أطفالهن في مكتبها وليس عبر شبابيك المناظرة. وتؤكد أن "تأثيث الغرفة هو مبادرة مشكورة لأنها تؤمن جواً صحياً للقاء السجينات بأطفالهن".

وتشير عضو جمعية "زونتا" عناية خليل، إلى أن "افتتاح الغرفة مرحلة أخيرة من متابعة طويلة لأوضاع السجينات في مُختلف السجون اللبنانية، بدءاً من العناية الصحية والنفسية بهن وتأمين احتياجات أساسية، وصولاً إلى تحسين ظروف الزيارة". 

وبعد أن كان الأطفال والأمهات يذرفون الدموع عبر شبابيك المناظرة، يصبح بإمكان الطفل تقبيل والدته واحتضانها، والمغادرة ومعه لعبة وضعها متبرعون بين يدي والدته المسجونة.

دلالات

المساهمون