موانع تحسين سبل التعليم

موانع تحسين سبل التعليم

11 يوليو 2017
ما زال التلقين والتسميع قائمين (Getty)
+ الخط -
منذ سنوات طويلة يدور كثير من الجدل حول المناهج التعليمية المقدمة في المدارس وأساليب التدريس ومؤهلات المدرّسين وسبل تقييم التلاميذ. ينقسم الجدل إلى المطالبة بتغيير ما هو قائم أو الإبقاء على ما هو عليه. التغيير ذاك يسمى تقدماً في بعض الأحيان، وتطوراً في أكثر الأحيان خصوصاً تلك التي يحاول فيها تقليد خطى بلد آخر يعتبره مرجعيته التقدمية الوحيدة.

الأساس في كلّ ذلك الجدل - وبعيداً عن المشاركة السلبية لكثيرين ولو شكّلوا الأكثرية أحياناً- هو أنّ هناك فريقين رئيسين في كلّ قضية، والتربية والتعليم من القضايا الحيوية في هذا الإطار. الفريق الأول يتعصّب للقديم ويرى كلّ الخير والصلاح والازدهار فيه، والفريق الثاني يرفض القديم ويعتنق الجديد حتى عندما يكون مستورداً ويقرر إسقاطه مهما كانت المقاييس مختلفة والبنى الثقافية والاجتماعية والاقتصادية متباعدة.

في دولنا المسماة "نامية"، غالباً ما يتولى المناصب العليا، في قطاع التربية والتعليم وغيره، مسؤولون يناصبون التغيير كلّ عداء. المسألة واضحة في تفسيرها السوسيولوجي.

أولاً، في تفسير سوسيو- اقتصادي، فإنّ الثبات يناسب ذلك المسؤول تماماً ويناسب مسؤولياته ومكتسباته. بذلك، تراه يستخدم كلّ شيء لدعم ذلك الثبات الذي يحافظ على مصالحه، فيكون سطح استراتيجيته زيفاً باسم الدين والثقافة والعائلة والكرامة والعفة والطهارة وغيرها من المصطلحات التي تلعب على الوتر الأيديولوجي، أما عمق تلك الاستراتيجية فهو الحقيقي الذي لا يتعدى تحقيق المصلحة الشخصية... المصلحة التي تقتضي تثبيت الأمور على ما هي عليه.

ثانياً، في تفسير سوسيو- معرفي، فالحديث عن التعليم ونظامه ومنهجه لعلّه يمنع كلّ من كان من جيل لُقّن المعرفة تلقيناً وحفظاً واستظهاراً ورفعاً للأيدي وقصاصاً يختلف باختلاف الأماكن والأوقات، أن يغيّر تلك الطريقة في التربية والتعليم. هو من جهة، لا يفكر خارج هذا الإطار الفكري المرسوم له، بل يلتزم بكلّ ضوابطه كما هي، ويعتبر أنّ الشكل الأمثل - بل الوحيد - للتعليم ينبع منها. هو يتباهى أنّه تحصّل على كلّ معارفه ووصل إلى كلّ ما وصل إليه بهذه الطريقة وهذا الأسلوب والمنهج. ومن جهة أخرى، فإنّه إذا ما شرد عن هذا الإطار الفكري وتوصّل إلى وعي ما بمتغيرات المجتمع، فقد يمتنع ذاتياً عن التغيير إيماناً منه بعدم جدوى التغيير أو تشفياً -هذه المرة- بأجيال يفرض عليها أن تمرّ بما مرّ به هو نفسه.

التغيير يفترض التخلص من الطاقم القديم أولاً، والتغيير المثمر المستدام يفترض أخذ بنية المجتمع، في باطنها قبل ظاهرها، بعين الاعتبار، أولاً وأخيراً.

المساهمون