الأوكرانيون يغزون الاتحاد الأوروبي

الأوكرانيون يغزون الاتحاد الأوروبي

29 يونيو 2017
عين الأوكرانيين على الاتحاد الأوروبي (سيرغي سوبينسكي/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد إعفاء المواطنين الأوكرانيين من تأشيرات الدخول إلى بلدان الاتحاد الأوروبي لزيارات لا تزيد على 90 يوماً اعتباراً من 11 يونيو/ حزيران الجاري، توجه الآلاف منهم إلى مختلف البلدان الأوروبية وسط تساؤلات حول الزيادة المحتملة في حركة الهجرة من أوكرانيا التي تعيش أوضاعاً سياسية واقتصادية مضطربة.

بهذا القرار، أصبح بإمكان الأوكرانيين زيارة جميع دول الاتحاد الأوروبي باستثناء بريطانيا وإيرلندا من دون تأشيرات، كما يمكنهم السفر بحرية إلى بلدان منطقة شينغن من غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهي سويسرا وليشتنشتاين وأيسلندا والنرويج.

يتوقع مدير "معهد الهجرة والعلاقات بين القوميات" في موسكو أصلامبيك باسكاتشوف أن يسفر قرار إعفاء الأوكرانيين من تأشيرات الدخول عن هجرة بضعة ملايين منهم إلى الاتحاد الأوروبي نظراً إلى تردي الأوضاع في بلادهم. ويقول باسكاتشوف في حديثه إلى "العربي الجديد": "سيؤدي الإعفاء من التأشيرات إلى حركة هجرة كبيرة، لأنّ الأوضاع السياسية والاقتصادية في أوكرانيا غير مستقرة، كما أنّ أعمال القتال في منطقة الدونباس في شرق البلاد مستمرة". يضيف أنّ "بضعة ملايين من الأوكرانيين من المناطق الشرقية هاجروا إلى روسيا وقد يهاجر عدة ملايين آخرين من المناطق الغربية إلى الاتحاد الأوروبي".

يشير إلى أنّ "المهاجرين يتوقعون أن يستقبلهم الاتحاد الأوروبي على الفور، إلاّ أنّهم، على عكس المهاجرين إلى روسيا، سيضطرون إلى الاندماج نظراً لاختلاف اللغة وغيرها من خصوصيات". يرجح باسكاتشوف أنّ ما لا يقل عن ثلث المسافرين من أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي سيحاولون إيجاد عمل هناك، لتتحول أوضاعهم إلى غير شرعية، لأنّ الإعفاء من التأشيرات لا يشمل المسافرين بغرض العمل أو الدراسة الجامعية.

وحول تداعيات زيادة حركة الهجرة، يتابع: "ستستفيد أوكرانيا اقتصادياً نظراً إلى زيادة تحويلات المغتربين، لكنّ إمكانيات دول الاتحاد الأوروبي في استقبال المهاجرين محدودة، كما أنّ هناك خلافات كبيرة داخل الاتحاد بشأن سياسات الهجرة".

وسط الاضطرابات التي تشهدها أوكرانيا منذ عام 2014، توجهت أعداد متزايدة من الأوكرانيين إلى الاتحاد الأوروبي بحثاً عن مستقبل مشرق، ليأتي الأوكرانيون في مقدمة الأجانب الذين يحصلون على بطاقات الإقامة في أوروبا بواقع نصف مليون تصريح إقامة عام 2015، 430 ألفاً منهم في بولندا. وتصدّر الأوكرانيون أيضا قائمة الأجانب الذين حصلوا على بطاقات الإقامة في كلّ من جمهورية التشيك وإستونيا وليتوانيا وسلوفاكيا.




يقلل الخبير في شركة "نيكيتا الأول"، المتخصصة في استخراج التأشيرات، دميتري سوفوروف من تأثير الإعفاء من تأشيرات الدخول على زيادة حركة الهجرة غير الشرعية، معتبراً أنّه سيتيح للأوكرانيين تقييم الأوضاع في الاتحاد الأوروبي بشيء من الواقعية قبل قرار الهجرة. يقول سوفوروف لـ"العربي الجديد": "سيطّلع الأوكرانيون على واقع الاتحاد الأوروبي بإيجابياته وسلبياته على حدّ سواء، مما سيحدد موقفهم من اتخاذ قرار الهجرة من عدمه".

وحول التداعيات الإيجابية لإلغاء نظام التأشيرات، يضيف: "أصبحت لدى الأوكرانيين فرصة رائعة لاستكشاف أوروبا من دون دفع الرسوم القنصلية والإجراءات البيروقراطية للحصول على تأشيرات، ولن يحتاج الطلاب إلى البحث عن المعلومات عن الجامعات عبر الإنترنت، بل يمكنهم السفر من دون تأشيرة للاطلاع على الجامعة وسكن الطلاب. وكذلك الحال مع المتقدمين إلى الوظائف، فيمكنهم السفر للمقابلة والتوقيع على العقد لاستخراج تأشيرات العمل بموجبه".

وعلى الرغم من إعفاء الأوكرانيين من تأشيرات الدخول، إلاّ أنّ ذلك لا يعفيهم من تقديم بعض الوثائق عند المنافذ الحدودية مثل وثيقة التأمين وحجز الفندق وإثبات توفر موارد مالية كافية، كما يجب أن يحمل المسافر جواز سفر بيومترياً.

يتوقع سوفوروف "ألا يحتاج الأوكرانيون لوثائق التأمين للسفر إلى أوروبا مستقبلاً بعد تعديل قانون التأمين الأوكراني وتوحيده مع القانون الأوروبي وحصول جميع المواطنين الأوكرانيين على وثيقة تأمين موحدة سيسري مفعولها في الاتحاد الأوروبي أيضاً".

منذ الإطاحة بالرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، في فبراير/ شباط 2014، توجهت السلطات الأوكرانية الجديدة نحو التقارب مع الغرب مقابل تدهور العلاقات مع موسكو. واستمرت المفاوضات حول إلغاء نظام تأشيرات الدخول لسنوات طويلة، قبل أن تتوج في مايو/ أيار الماضي بالتوقيع على اتفاقية الإعفاء من التأشيرات، لتصبح أوكرانيا ثالث بلد من بلدان مبادرة الشراكة الشرقية يجري إعفاء مواطنيه من التأشيرات بعد مولدوفا في أبريل/ نيسان 2014، وجورجيا في مارس/ آذار الماضي.

في المقابل، لوحت أوكرانيا مراراً بإمكانية تطبيق نظام التأشيرات مع روسيا التي أكدت بدورها أنّها سترد بالمثل، مما يهدد مستقبل نحو أربعة ملايين مغترب أوكراني يعملون في روسيا ويعانون أصلاً بسبب قطع حركة الطيران بين البلدين وتعقيد إجراءات تحويل الأموال.