العلاقات بين الجنسين تفجّر الخلاف بين إسلاميي المغرب

العلاقات بين الجنسين تفجّر الخلاف بين إسلاميي المغرب

12 أكتوبر 2019
مطالبات بالاعتراف بالحريات الفردية بسبب قضية هاجر الريسوني(فضل سينا/Getty)
+ الخط -
فجّرت ندوة علمية نظّمتها حركة "التوحيد والإصلاح" الإسلامية في المغرب، أمس الجمعة، والتي تعتبر الذراع الدعوي لحزب "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة، جدلاً كبيراً بعد تصريحات رئيسها التي قال فيها إنّ كل ما جرّمه الإسلام في العلاقات خارج إطار الزواج هو العلاقة الجنسية فقط. ما دفع بعض الأصوات الغاضبة حتى من داخل الحركة إلى معارضة مواقف رئيسها، اليوم السبت.

وفي الوقت الذي خرجت بعض الأصوات لمطالبة الإسلاميين المغاربة بالاعتراف بالحريات الفردية على خلفية اعتقال ومحاكمة الصحافية هاجر الريسوني، ابنة أخ الرئيس السابق لحركة "التوحيد والإصلاح" ورئيس "الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين" حالياً أحمد الريسوني. وبعد أن توالت في السنوات القليلة الماضية حالات تفجير فضائح جنسية لأعضاء في الحركة الإسلامية؛ قال رئيس الحركة، بمناسبة هذه الندوة، إنّه يدعم مشروع القانون المعروض على البرلمان المغربي، والذي يحمل تعديلات تقر بعض الحقوق الفردية.

رئيس الحركة عبد الرحيم الشيخي، والذي شغل منصب مستشار بديوان رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، قال، في تصريح صحافي، على هامش الندوة، إنه ركّز في مداخلته المقدمة أمام الندوة، على العلاقات بين الشباب، والتي قال إنّها تحتاج إلى تدقيق في النصوص القانونية.

الشيخي أوضح أنّ العلاقات الجنسية التي ينطبق عليها وصف الزنا المذكور في القرآن معروف، و"شروط الإثبات عليه صعبة جداً، وبالتالي فإنّ توسيع هذا المفهوم ليشمل جميع العلاقات بما فيها تلك البريئة التي ليس فيها أي بعد من الأبعاد، هو نوع من الإجحاف".

وبشأن الموقف من إباحة الإجهاض، أوضح الشيخي إنّ حركته عبّرت عن موقفها رسمياً قبل بضع سنوات، حين فُتح نقاش وطني حول الموضوع. وتابع "قلنا إنّ هذه المقاربة التشاركية التي تضم مؤسسات الدولة من التشريعية والحقوقية ومؤسسة العلماء، وما تصل إليه نعتبره اجتهاداً صواباً".

وتعبيراً منه عن مساندة التعديلات المنتظر أن يدخلها مشروع قانون معروض على البرلمان على بعض من بنود القانون الجنائي، اعتبر الشيخي أنّ التعديلات جاءت بناء على نقاش بين تلك المؤسسات، وقال: "نحن نقدّر بأنها اجتهادات مقدّرة وغير مسبوقة، وإن كانت موجودة في عدة دول عربية وإسلامية متفرقة فإنها هكذا مجتمعة لا توجد في أي بلد إسلامي، وهذا من الإيجابيات التي يجب أن نثمّنها ونسعى إلى أن ندقق ما أمكن في الإجراءات التي تحمي المجتمع والأسرة والنساء اللواتي تتعرضن لبعض الإشكالات".

وصدرت ردود فعل غاضبة من داخل الحركة، على هذه المواقف، إذ نشر العضو القيادي محمد بولوز، رداً مطوّلاً على الشيخي، بعنوانه: "ليس المحرم هو الجنس فقط خارج الزواج، وإنّما مقدماته وممهداته أيضاً".

المقال الذي نشره بولوز، اليوم السبت، عبر صفحته الشخصية في "فيسبوك"، وعمّمه على عدد من وسائل الإعلام، استهلّه بالقول إنّ "ما يُسمح به في إطار شريعتنا بين الرجل والمرأة الأجنبيين عن بعضهما، هو الكلام بالمعروف عند الحاجة في المكان المفتوح أمام الناس، في غير خلوة ولا ريبة ولا شهوة، ومن غير تماس ولا تقارب أنفاس ولا مصافحة ولا ما فوق ذلك، إلى بلوغ الجماع".


وقدّم بولوز، في مقاله، أدلة اعتبرها شرعية من القرآن والسنة، "للقول بتحريم اتخاذ الخلان بين الجنسين، أي الصداقة التي يُقصد بها اجتماع بعضهم ببعض من غير عقد شرعي، وتحريم الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبيين، وتحريم اللمس بغرض الشهوة ومقدمات الجماع"، بحسب قوله. وخلص بولوز إلى أنّ "الزنا أبشع ما يقع بين المرأة والرجل الأجنبيين".

قيادي آخر في صفوف الحركة، هو محمد الهلالي، رأى أنّ كثيراً من الحريات الفردية تتصادم مع حرمات شرعية، وقال:"ممارستها في الفضاء الخاص يندرج في إطار المعاصي والذنوب، وبعضها يصل إلى درجة الكبائر التي رتب الله عليها عقوبات دينية مختلفة، حتى وإن كانت رضائية، إلا من تاب وأصلح، أما ممارسة بعض هذه الحريات الفردية في الفضاء العمومي (المجاهرة) فيعاقب عليها القانون إلى جانب عقوبة الشرع الأخروية".

من جانبه، الشيخ السلفي حماد القباج، كتب، مساء اليوم السبت، ما قال إنّها "نصيحة موجهة إلى الحركات الإسلامية"، داعياً إلى "التحلّي بقدر أكبر من الفطنة والنباهة وألا يدخلوا هذا النقاش بخلفية ملتبسة تفرض مراجعات أو تراجعات في غير محلّها". وأضاف القباج أنّ "السياق السياسي الحالي يتسم بإنهاك الإسلاميين وإضعاف مناعتهم، إلى جانب سياق دولي يريد أن يفرض رؤيته لمفاهيم الحرية والمساواة".


وكان رئيس الحركة عبد الرحيم الشيخي، قد قال، في خطابه أمام الندوة التي نظّمتها الحركة، أمس الجمعة، في الرباط، إنّ كل ما دون العلاقة الجنسية "من التقاء ومصافحة وقبلة، فهي أشياء غير مجرّمة لا شرعاً ولا قانوناً في العلاقات الرضائية". واستغرب الشيخي سبب القول بوجود جريمة في علاقة بين شباب لم يصلوا إلى درجة الممارسة الجنسية، معتبراً أنّ "هذا الأمر يستغل من أجل ممارسة القمع السياسي ليس إلا".

وتساءل الشيخي، في الندوة: "أين الجريمة في العلاقات اليوم بين الشباب؟ قديماً كان المجتمع يرفضها لكنها اليوم موجودة. هذه العلاقات تبدأ من المصافحة إلى السلام إلى القبل... لكن المجرّم شرعاً هو الزنا، أي الجماع، وما دون ذلك لا أعتبره جريمة". وشدّد الشيخي على أنّ "الجميع اليوم، وليس غير الإسلاميين فقط، يرتبطون بعلاقات تختلف مستوياتها، وبالتالي هناك إشكال في هذه القضية يستغل ليس لمواجهة الفساد، بل في بعض الأحيان يستغل فقط لتصفية بعض الحسابات السياسية".

دلالات

المساهمون