لا غنى عن الضروريات في العراق

لا غنى عن الضروريات في العراق

01 سبتمبر 2017
يلعبون (حيدر حمداني/ فرانس برس)
+ الخط -
تبدو الاستعدادات لاستقبال عيد الأضحى في العراق واضحة. تمتلئ الأسواق التجارية بالبضائع والناس. ويحرص الغالبية، من ذوي الدخل المحدود، على شراء ما هو ضروري فقط. في سوق الشورجة التجاري، الأكثر شهرة والأقدم بين الأسواق، استعدّ التجار، منهم باعة البضائع بالجملة والمفرق، والباعة المتجولون، للعيد. فهذا الوقت يعدّ موسماً مهماً للبيع.

ثامر كاظم، وهو تاجر يبيع المواد الغذائية الخاصة بصناعة المعجّنات والكعك والحلويات، استعد جيّداً للعيد. يقول لـ "العربي الجديد" إن أسعار بضاعته "مناسبة جداً لجميع طبقات المجتمع"، موضحاً أن "من طقوس العراقيين في العيد إعداد المعجنات والحلويات. والأسعار في متناول الجميع".

يعرب كاظم عن رضاه على نسبة الشراء. "لكنّه ليس مقياساً لتجار آخرين، خصوصاً أن بعض البضائع التي كانت تُقبل العائلات على شرائها تحضيراً للعيد لم تعد ضرورية، فضلاً عن كونها مكلفة، على غرار الأثاث وأدوات الزينة والعطور الثمينة، والتي تستخدم في البيوت، إضافة إلى الملابس". من جهة أخرى، يقبل الناس على شراء الحلويات والمكسّرات التي تباع بأسعار مختلفة، بحسب جودة المنتج. ويصف شعيب نجم الدين، وهو تاجر يبيع الحلويات والمكسرات، الطلب على شراء بضاعته بأنه "متوسط"، مشيراً إلى أن "الوضع الاقتصادي للمواطن العراقي يدفعه إلى عدم شراء سوى الضروريات الملحة".

نجم الدين، الذي يملك عدداً من المحال في أسواق مختلفة في بغداد ومدن أخرى، يقول إنّه يستورد بضاعته من خارج البلاد، وإقليم كردستان، لافتاً إلى أنّه يحرص على توفير أنواع مختلفة لتلائم جميع الطبقات. ولا ينفي نجم الدين، والذي يعمل في مهنته هذه منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وجود إقبال على شراء أجود الأنواع وأغلاها، مبيّناً أنّ في العراق طبقة ثرية جداً وأخرى مسحوقة. وهناك طبقة تستدين وتعتمد على مصادر دخل غير مستقرّة. في السابق، وقبل أكثر من عقدين، كان هناك ثلاث طبقات، وكانت نسبة الطبقة الفقيرة قليلة، ولم تكن معدمة كما هو حالها اليوم. وكانت الطبقة المتوسطة هي الشريحة الواسعة، يمثلها الموظفون وأصحاب الحرف.

الأوضاع غير المستقرة التي يمر بها العراق منذ الغزو الأميركي في عام 2003، أثرت على أوضاع المواطنين. من جهة أخرى، تعاني البلاد من ارتفاع نسب البطالة. وتوقف كثير من المشاريع والأعمال، والتي تعتبر المورد الأساسي لطبقة واسعة من الحرفيين والأيدي العاملة. أوس راضي صار يتقاضى راتباً لا يفي متطلبات أسرته. يقول لـ "العربي الجديد" إنّه حتى عام 2014 كان دخله الشهري يمكّنه من العيش بمستوى جيد. ويوضح أنه "كان يعمل سائق سيارة لدى شركة تملك مشاريع مختلفة في البلاد". يضيف: "توقفت مشاريع الشركة، كما هو حال كثير من الشركات بسبب انخفاض أسعار النفط، واضطرار الحكومة إلى اعتماد سياسة التقشف". يضيف: "في الوقت الحالي، أعمل جاهداً ولساعات طويلة في الشركة، لكنني أتقاضى نحو 500 دولار، علماً أنني كنت أتقاضى نحو ألفي دولار. على الرغم من ذلك، أصرّ على أن أفرح أطفالي، ولا تكتمل فرحتهم إلا من خلال ثياب العيد وغيرها من المستلزمات. أحياناً، أستدين بعض المال من أقاربي، وأشتري لهم ما يحتاجون إليه". يرى أنه لا ذنب للأطفال بما يدور من حولهم، وعليهم أن يعيشوا طفولتهم.

من جهة أخرى، يعتبر العيد بالنسبة لكثيرين موسماً للعمل وكسب المال. وفي وقت ينشغل الناس بزيارات الأقارب والأصدقاء، يكرس آخرون وقتهم للعمل، إذ إن العيد هو فرصتهم لكسب المال. وسام هادي (37 عاماً)، استعد جيداً لعيد الأضحى. يقول إنه يجني في العيد أكثر مما يجنيه خلال عشرين يوماً. وهو يعتمد على أولاده الثلاثة الصغار ليبيعوا معه عند شارات المرور المزدحمة. يشير، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أن أحد أبنائه يبيع البالونات، فيما يبيع الآخران ألعاب الأطفال. أما هو، فيبيع العصائر وعلب المياه الباردة.

إلى ذلك، فإنّ الخوف من الأوضاع الأمنية يدفع كثيرين إلى تجنّب الأماكن المكتظة. وفي أوقات سابقة، شهدت هذه التجمعات تفجيرات إرهابية وقع ضحيتها أعداد كبيرة من المواطنين. أما الشركات السياحية، فتغري العراقيّين للسفر إلى مناطق إقليم كردستان، والتي تعد آمنة نسبياً، إضافة إلى بلدان أخرى، في طليعتها تركيا وإيران ولبنان ومصر.

يقول محمد عرفان، مدير شركة العرفان للسياحة، إن "التنافس بين شركات السياحة على أشده، بهدف توفير أفضل الخدمات وبأقل كلفة". يضيف: "لو كان الأمان متوفراً بنسبة عالية في بغداد ومحافظات أخرى، لما كان إقليم كردستان شهد إقبالاً خلال العيد".