المرأة السعودية... قيادتها باهظة

المرأة السعودية... قيادتها باهظة

07 يونيو 2018
تختار سيارتها قبل العمل بالقرار الملكي (فرانس برس)
+ الخط -


قبيل بدء تطبيق القرار السعودي الذي يسمح للمرأة السعودية بقيادة السيارات، المتوقّع في 24 يونيو/ حزيران الجاري، راحت الحكومة السعودية تنشئ مدارس تعليم على القيادة في كبريات المدن السعودية، الرياض والدمام وجدة وتبوك والطائف. فالإدارة العامة للمرور اشترطت على أيّ امرأة سعودية تريد استخراج رخصة قيادة، التدرّب في هذه المدارس والنجاح في اختباراتها النظرية والعملية.

ويُعدّ هذا القرار كسراً لحظر قيادة المرأة السيارات في السعودية منذ قيام الدولة، الذي استمر لعقود، جاعلاً السعودية آخر بلد يسمح للمرأة في العالم بقيادة السيارات. يُذكر أنّ نضالاً نسوياً سُجّل في هذا السياق، وقد نظمت ناشطات سعوديات حملات عدّة لكسر هذا الحظر، لعلّ أبرزها حملة نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1990.

لكنّ مدارس تعليم القيادة للنساء فاجأت السعوديات بالتكاليف الباهظة التي فرضتها عليهنّ لاستخراج رخصة قيادة، إذ إنّ الرسوم كاملة مع احتساب الضريبة على القيمة المضافة تصل إلى ألفَين و550 ريالاً سعودياً (نحو 680 دولاراً أميركياً). وتشتكي النساء من عدم مساواتهنّ بالرجل، إذ يستخرج الرجل السعودي وغير السعودي رخصة قيادته برسوم قيمتها 500 ريال فقط (نحو 130 دولاراً)، من دون أن يكون مضطراً للحصول على دروس في القيادة حتى لو كان مبتدئاً. من جهة أخرى، فإنّه من شروط استخراج المرأة رخصة قيادة موافقة وليّ أمرها، الأمر الذي يعني أنّها سوف تبقى مقيّدة بنظام ولاية الرجل الصارم في السعودية.

وتفتح كلفة رسوم استخراج رخص القيادة للنساء باب الشكّ في دوافع الخطوة التي سمحت لهن بالقيادة. هل كانت تلك الخطوة نصرة للمرأة وإعطاءها حقاً من حقوقها، أم أنّها تهدف إلى جمع مزيد من الأموال في بلد يعاني اقتصاده من جرّاء التضخّم فيعمد إلى التقشف، بالإضافة إلى تجميل صورته أمام العالم الغربي؟




إلى جانب الأسعار الباهظة وغير العادلة، تعرف عملية استخراج المرأة السعودية رخصة قيادة تعقيدات وصعوبات عدّة، فعدد المدارس المخصصة لتعليم قيادة السيارات لا يبدو كافياً. السلطات اشترطت أن تكون المدارس في الجامعات الموجودة في المدن الكبرى، وهي الرياض والدمام وجدة والطائف وتبوك فقط، متجاهلة المدن الكبرى الأخرى مثل مكة والمدينة والقصيم وحائل.

والمرأة الراغبة في استخراج رخصة قيادة يتوجّب عليها التسجيل إلكترونياً عبر الموقع المخصص لذلك، وثمّ تحديد موعد والالتحاق بالمدرسة. وعليها أن تلتزم بـ 30 ساعة تدريب، 10 منها نظرية و20 عملية، قبل الخضوع إلى اختبار نهائي والحصول على إفادة تخوّلها التوجّه إلى إدارة المرور واستخراج الرخصة فوراً.

وقد قسّمت الإدارة العامة للمرور النساء الراغبات في استخراج رخصة قيادة إلى ثلاث فئات، الأولى تشمل من تملك رخصة صادرة عن إحدى دول الخليج أو العالم، فتبرزها لدى إدارة المرور. وبعد التأكد من أنّها غير مزوّرة، تحصل تلقائياً على رخصة قيادة سعودية، الأمر الذي يعفيها من الرسوم المتوجّبة على الأخريات. أمّا الفئة الثانية، فهي تشمل من تحمل رخصة قيادة خارجية منتهية الصلاحية، بالتالي تُلزَم بستّ ساعات تدريب ميداني وبدفع الرسوم قبل الحصول على رخصة القيادة. لكنّ المعاناة الأبرز تطاول الفئة الثالثة التي تشمل السواد الأعظم من النساء اللواتي لم يخبرنَ القيادة، إذ يتوجّب عليهنّ الخضوع لـ 30 ساعة تدريب وثمّ دفع رسوم الاختبار كاملة للحصول على الرخصة.

في السياق، تنوي نساء سعوديات اللجوء إلى خطط تخفّف من الرسوم المفروضة عليهنّ، بالإضافة استخراج رخص القيادة بسرعة، خصوصاً أنّ المواعيد التي حدّدتها مدارس القيادة تبدو بعيدة، في ظل العدد الكبير للمتقدمات وقلة الطاقة الاستيعابية لتلك المدارس. وتعمد نساء سعوديات يعشنَ في مدن قريبة من بلدان خليجية أخرى، من قبيل الكويت والإمارات والبحرين، إلى التوجّه إلى واحدة من تلك الدول والحصول على رخصة قيادة محلية من هناك، إذ إنّ قوانين دول مجلس التعاون الخليجي تسمح بذلك. وفي خطوة ثانية، تبديل تلك الرخصة في السعودية من دون الاضطرار إلى الالتحاق بمدارس بقيادة.




روان الشمري شابة سعودية تعيش في حفر الباطن، شماليّ البلاد، وهي منطقة ريفية مهملة من السلطات السعودية، تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "أهالي كثيرين من منطقتنا يعيشون في الكويت ولهم فيها سجلات إقامة دائمة. وبسبب ارتفاع الرسوم وبُعد مدارس القيادة عنّا، فإنّنا سوف نتوجه نحو الكويت للاستحصال على رخصة قيادة كويتية، إذ إنّ رسومها لا تتخطى 150 ريالاً فقط (نحو 40 دولاراً)". تضيف روان الناشطة في المجال النسوي أنّ "النساء اللواتي يعشنَ في المدن القريبة من البحرين، مثل الخبر والجبيل، قد يتوجهنّ إلى البحرين للاستحصال على رخصة. لكنّ أسعار الرخص في البحرين والإمارات أغلى ممّا هي في الكويت، كذلك فإنّ القوانين الكويتية أكثر تساهلاً".

المساهمون