الموصل بلا مستشفيات بعد عامين على استعادتها من "داعش"

الموصل بلا مستشفيات بعد عامين على استعادتها من تنظيم "داعش"

18 ابريل 2019
تدهور الواقع الصحي في الموصل (فيسبوك)
+ الخط -
في الموصل التي تعرضت لواحدة من أبشع عمليات التدمير في التاريخ، تكاد المستشفيات تكون منعدمة، وحتى تلك المتوفرة لا تغطي حاجات سكان مدينة تضم نحو ثلاثة ملايين نسمة، وهو ما يضاعف من معاناة الأهالي، فيما لا تحرك الحكومة ساكنا إزاء هذا الواقع الصحي المعطوب.

وأكد مسؤولون في الموصل لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة الاتحادية في بغداد، لا تكترث لقانون اعتبر الموصل قبل نحو عامين من الآن مدينة منكوبة وأقرّه البرلمان رسميا، ولا تستجيب وزارة الصحة لأي خطابٍ محلي لتعمير المستشفيات وتجهيزها طبياً، ما يدفع أهالي نينوى للجوء إلى إقليم كردستان شمال البلاد، أو السفر إلى بغداد، أو إلى خارج البلاد، وهذه الأخيرة محصورة بيد من يملكون الأموال التي تمكنهم من ذلك.

في الموصل، التي دُمرت بنسبة 80 بالمائة، وطاول التخريب البنى التحتية والمنشآت العامة ومنازل المواطنين وممتلكاتهم الخاصة، ناهيك عن إجمالي عدد القتلى من المدنيين الذي بلغ نحو 40 ألف قتيل، وفق ما صرح به وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري في وقت سابق، مشيراً إلى أن معظم القتلى سقطوا إما بنيران المدفعية العراقية وإما بغارات التحالف الدولي الذي تقوده أميركا، كما سقط بعضهم على يد تنظيم "داعش"، لا توجد مستشفيات لغاية الآن، إلا ما تم إنشاؤه ليكون مؤقتاً من قبل منظمات المجتمع المدني.

تعرضت المستشفيات لدمار شامل (فيسبوك)

وأكد عضو مجلس النواب العراقي، محمد إقبال الصيدلي، تعرض القطاع الصحي في محافظة نينوى لدمار شامل بعد تدمير غالبية مستشفيات المدينة ومراكزها التخصصية، مشيراً في بيان إلى أن "تحركات وزارة الصحة لا تزال إلى الآن دون المستوى المطلوب، خاصة في مجال إعادة إعمار المستشفيات، أو توفير الأجهزة التشخيصية والعلاجية وكذلك الأدوية بمختلف أنواعها، مع غياب الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات وضعفها، إذ تعاني تلك المستشفيات من سوء الخدمات وانعدام وسائل النظافة التي يضطر المريض في بعض الأحيان إلى جلبها معه قبل دخول المستشفى، إضافةً إلى قلة الأطباء والكوادر التمريضية التي لا تزال تلجأ للعمل في المنظمات الدولية".

من جانبها، بيَّنت النائبة عن محافظة نينوى جميلة العبيدي، أن "الموصل خالية من المستشفيات، لأن تنظيم "داعش" كان قد أحرقها كلها وخرّبها قبل هزيمته في المدينة، وما يوجد حالياً هو عبارة عن كرفانات، تمَّ إنشاؤها بجهود شخصية، وهي فارغة من أبسط مقومات المستشفيات العادية".

وأوضحت العبيدي لـ"العربي الجديد"، أن "وزارة الصحة مُقصرة تجاه نينوى لأنها لم تتوجه منذ تحرير المدينة لإعادة إعمارها وتوفير احتياجاتها، حتى إنه حين وقعت حادثة العبّارة، طالبت وزارة الصحة حكومة إقليم كردستان بتوفير سيارات الإسعاف للمصابين وغيرهم من المتضررين، وهذا الخلل من الحكومة الاتحادية، التي تحمي الفساد والفاسدين، وحتى الجهود البرلمانية خلال السنوات الماضية لم تأت بنتيجة، مع العلم أن نواب نينوى أعدوا لأكثر من مرة تقارير تفيد بأن المحافظة تحتاج إلى اهتمام وتحديداً بما يرتبط بالجانب الصحي".

لا وجود للأجهزة الطبية المتخصصة (فيسبوك)

بدوره، أشار عضو المجلس المحلي في نينوى، حسام العبّار، إلى "عدم وجود أجهزة طبية متخصصة في المحافظة، وأن المدينة تفتقر إلى المستشفيات، والكرفانات المؤقتة الموجودة حالياً لا تستطيع تمشية أمور المواطنين".

وأوضح في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "الواقع الصحي في الموصل صعب جداً، ولطالما طالبنا ولأكثر من مرة وأصدرنا قرارات وخاطبنا مجلس الوزراء، ولكن الحكومة الاتحادية لا تتعامل مع قانون منكوبية المحافظة بشكل صحيح، وتتعامل مع أهالي نينوى على اعتبارهم مواطنين من درجة ثانية".


إلى ذلك، لفت الناشط المدني من نينوى، صقر آل زكريا، إلى أن "الموصل تتوفر فيها كرفانات أميركية، فضلاً عن مستوصفات صحية بسيطة في بعض المناطق، وتم تطويرها بجهود منظمات حقوقية والصليب الأحمر، وليس للحكومة أي دور في ذلك".

وقال في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "الأهالي الذين يحتاجون إلى إجراء عمليات كبرى ومعقدة يتجهون إلى أربيل ودهوك وبغداد، وإن المدينة التي تحتوي على 3 ملايين ونصف المليون نسمة يتوفر فيها حالياً 150 سرير في هذه الكرفانات فقط".

وتابع أن "مدير دائرة صحة الموصل هو رجل غير كفء وتلاحقه شبهات فساد وهو مشغول بتجارته الخاصة المتعلقة بالمدخرات والصفقات والرواتب وغيرها، وحتى الوعود الكثيرة التي وعدت بها بعض المنظمات العالمية والإنسانية لم تطبق على أرض الواقع، وبعض المشاريع من المنظمات أكلها الفساد المحلي، وهذا لا يعني أن الحكومة في بغداد ليست مقصرة، إنما مقصرة جداً، ولكن بغداد وبعد أن أعطت للحكومة المحلية في نينوى الصلاحيات الواسعة، أصبح المقصر الأكبر هو المجلس المحلي".

المساهمون