تجدد الاحتجاجات المطالبة بالخدمات في مناطق جنوب العراق

تجدد الاحتجاجات الخدمية في جنوب العراق: هل تمتد إلى البصرة؟

10 يونيو 2019
مظاهرات مطلبية في قضاء الحمزة في الديوانية (فيسبوك)
+ الخط -
مع بلوغ درجات الحرارة في مناطق جنوب العراق مستويات قياسية تجاوزت 50 درجة مئوية، بحسب هيئة الأنواء الجوية العراقية، وتراجع ساعات توفير الطاقة الكهربائية في عموم المناطق وغيابها شبه الكامل في مدن مثل الديوانية (محافظة القادسية)، انطلقت اليوم الإثنين أول مظاهرات للمطالبة بتوفير الخدمات وسط توقعات بامتداد الاحتجاجات إلى محافظة البصرة، أغنى المدن العراقية وأشدها حرارة وأقلها خدمة، وهو ما يتخوَّف منه المسؤولون في بغداد.

وفي أول مظاهرة في موسم الصيف الحالي، انطلقت في قضاء الحمزة بمحافظة الديوانية، اليوم الإثنين، مظاهرات شعبية، تنديداً بالانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، فيما رفع المتظاهرون العلم العراقي ولافتات طالبت الحكومة بالتدخل الفوري لحل أزمة الكهرباء.

وقال عبد الله الشيباني، وهو أحد المتظاهرين في الديوانية لـ"العربي الجديد"، إنه "يعاني قضاء الحمزة والمناطق المجاورة له، بل حتى أحياء مركز المحافظة، من إهمال الحكومتين، من مجلس المحافظة (المحلية) والاتحادية في بغداد، ومنذ 15 عاماً ونحن نتظاهر كل موسم صيف، ولا جديد غير الوعود الكاذبة التي يطلقها المسؤولون".

ولفت إلى أن "المتظاهرين تعاهدوا في ما بينهم بالبقاء خارج منازلهم، في إطار الاحتجاج السلمي لحين إصلاح الأوضاع وتوفير الطاقة الكهربائية، بما يتناسب وحجم كارثة حرارة الصيف، ولا توجد حتى الآن أي توجهات نحو تحويل المظاهرة إلى عصيان مدني، مع تعهد الجميع بالالتزام بالسلمية وعدم الاعتداء على مؤسسات الدولة أو مقار الأحزاب".


وفي الواقع لا تعاني الديوانية وحدها من انقطاع الكهرباء، وزيادة ساعات القطع، إذ تشهد الأنبار نفس المعاناة، والأمر ينطبق على معظم مدن "الفرات الأوسط"، مثل النجف وكربلاء وبابل، وإلى الجنوب في ميسان وذي قار والبصرة، بل أن الكارثة أكبر، بحسب مصادر محلية.

وأكدت تلك المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "تردي التيار الكهربائي لم يقتصر على المنازل إنما طاول دوائر خدمية هامة منها المستشفيات، مثل مستشفى الصدر التعليمي والفيحاء، ما أدى إلى غضب شعبي كبير".



وذكر عضو مجلس النواب عدي عواد، في بيان، أنه وجه كتباً رسمية ومخاطبات لهيئة النزاهة ومحافظة البصرة ومجلسها المحلي، لفتح تحقيق فوري، بعدم وجود أجهزة تكييف في مستشفى الفيحاء بالبصرة، بعد التأكد من وجود عطل في التبريد بالمستشفى منذ 8 أيام، ويشمل حتى ردهات الحروق للرجال والنساء، إضافةً لغرفة العمليات.

من جانبه، قال عضو تنسيقية مظاهرات حي الحكيمية في البصرة، سامي الواثق لـ"العربي الجديد"، إن "الأوضاع الخدمية مزرية داخل المدينة، والنشطاء غالبيتهم مراقبون من قبل أجهزة الأمن الوطني ومكاتب المليشيات، حتى أن عمل المجموعات عبر وسائل التواصل والمواقع الإلكترونية التي يستخدمها الناشطون لتحديد مواعيد وأماكن انطلاق الاحتجاجات تعرضت غالبيتها للقرصنة والاختراق والاستيلاء عليها من قبل مختصين، وهم على الأغلب تابعون للجيوش الإلكترونية للأحزاب الدينية في المحافظة".

ولفت إلى "استعدادات خفية للانطلاق بالمظاهرة ولكن حتى الآن لم يحدد موعدها، بسبب التخوف الكبير للناشطين في مدينة البصرة، ناهيك عن يأس المواطنين ومللهم من تكرار نفس الخطابات والمطالبات بتوفير المياه الصالحة للشرب وإقامة محطات تحلية للماء، وتحسين الواقع الخدمي وزيادة ساعات التيار الكهربائي وإطلاق تعيينات حكومية وفرص عمل في الشركات الأجنبية العاملة بالمدينة، لأن الحديث عنها أصبح موسمياً ودون تجديد".



وقال الواثق أن "الناشطين يتخوفون من ملاحقة مليشيات مسلحة تابعة للحشد الشعبي لهم، ولعل أبرزها عصائب أهل الحق، وقوات وعد الله التابعة لحزب الفضيلة الذي يديره رجل الدين محمد اليعقوبي، إذ نفذت هاتان القوتان سلسلة من الملاحقات وعمليات الاعتقال والتعذيب بحق متظاهرين خلال العام الماضي، كما أنها متهمة بتصفية العشرات من الناشطين المدنيين في المدينة، وهذا التخوَّف موجود حالياً لدى غالبية قادة المظاهرات وأعضاء التنسيقيات في أحياء المحافظة".

وللمحتجين في البصرة ذكريات سيئة في المظاهرات، إذ خلفت الاحتجاجات السابقة عشرات القتلى والجرحى، فضلاً عن اعتقالات بالجملة لناشطين ورجال دين ساندوا المتظاهرين، ومن ثم حملة اغتيالات واسعة، كان آخر ضحاياها رجل الدين وسام الغراوي، كما أن منظمات حقوقية عربية وعالمية، أشارت إلى أن القوات العسكرية "استخدمت القوة ضد المحتجين".

وقالت عضوة مجلس النواب عن محافظة البصرة ميثاق الحامدي، إن "نسبة البطالة في البصرة بلغت أكثر من 40 في المائة، وأن النسبة في ارتفاع مستمر ما لم توفر لها درجات وظيفية وخاصة في الشركات النفطية التي تعج بالعمالة الأجنبية، فالبطالة إضافةً إلى مشكلة الكهرباء تمثل أبرز معاناة تعيشها المدينة في الوقت الراهن"، مبينة في تصريح صحافي "أن كل العوامل مشجعة على خروج أهالي البصرة بمظاهرات جديدة على غرار ما حدث سابقاً للمطالبة بإحداث تغييرات جذرية".

وسبق لرئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، أن أكد في شهر يوليو/تموز من العام الماضي، أن الحكومة بدأت بإجراءات فعلية لتقديم كل الدعم للمحافظة وأهلها. وفي بيان صدر عن مكتبه، بيَّن أنه "ناقش أوضاع البصرة في مجالات الأمن والإعمار وتوفير مياه الشرب والاستثمار والخدمات والزراعة والصناعة والسكن والصحة والطرق وتوفير فرص العمل". ولكن مسؤولين وشيوخ عشائر يتحدثون عن عدم تطوّر أي ملف من هذه الملفات في المدينة.

يشار إلى أن شرارة التظاهر اندلعت بالبصرة خلال فترة حكومة حيدر العبادي، وتحديداً في يوليو/تموز الماضي، احتجاجاً على سوء الخدمات، وتم خلالها اقتحام وحرق متظاهرين للقنصلية الإيرانية في البصرة، ومبانٍ حكومية ومقارّ للأحزاب السياسية والمليشيات. وتعرّض قادة التظاهرات إثر ذلك لحملة اعتقالات واغتيالات، فيما أحرجت المظاهرات حكومة العبادي إلى حدّ كبير، وحرمتها التأييد الشعبي.