مرضى الألزهايمر بحاجة إلى الحبّ

مرضى الألزهايمر بحاجة إلى الحبّ

12 ابريل 2015
تؤهل الجمعية ممرضين للتعامل مع المرضى (حسين بيضون)
+ الخط -

لعلّ الألزهايمر هو من أكثر الأمراض التي يدعي الناس أنهم مصابون به. فكلّما نسي المرء موعداً أو غابت عن باله بعض المعلومات، قال: إنه الألزهايمر. لكنه في الوقت عينه من أكثر الأمراض التي تجهل الناس حقيقته، ولا يعرفون عنه المعلومات العلمية اللازمة والضرورية. وقد يكون فيلم "ستيل أليس" الذي لعبت فيه جوليان مور دور المرأة المصابة بالألزهايمر، وحازت على جائزة أوسكار أفضل ممثلة، أول تجربة فعلية لتقديم معلومات علمية عن المرض لا تجعل النسيان المؤشر الوحيد عليه وفق المفاهيم الشعبية.

لا يكفي أن تنسى حتى تكون مصاباً بالألزهايمر، ولكن لا يمكن تجاهل حالة النسيان المتكرر عند كبار السن لأنها قد تكون أحد المؤشرات على الإصابة بهذا المرض، الذي يعرف أيضاً باسم "الخرف الكهلي"، وهو ناتج عن ضمور في خلايا المخ السليمة ما يؤدي إلى تراجع مستمر في الذاكرة وفي القدرات العقلية والذهنية.

ولما كانت المعلومات عن المرض هي الخطوة الأساسية، لا بل الضرورية لمساعدة مريض الألزهايمر واحتضانه وتأمين البيئة المناسبة له، عمدت جمعية الألزهايمر - لبنان الى حجز كل صالات السينما في أحد المجمعات التجارية، وحشد أكثر من 700 شخص لحضور الفيلم في عرضه الأول. لم تكن الحاجة إلى الدعم المادي، على أهميته، الحافز الأساسي وراء هذه الخطوة، بل شكلت التوعية هاجساً أيضاً، وفق ما تشرح المديرة التنفيذية للجمعية ميرنا منيمنة. وتشير إلى أن "المشكلة الفعلية التي نواجهها كجمعية أن المواطنين يجهلون فعلاً هذا المرض، ولا يدركون أن أحد أفراد عائلتهم مصاب به إلا بعدما يكون قد بلغ حالة متقدمة جداً، ما يجعل تقديم المساعدة للمريض والشخص الذي يرعاه ويهتم به مسألة أكثر تعقيداً".

تشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك نحو 30 ألف حالة ألزهايمر في لبنان لم تتعدَ نسبة الحالات المشخصة منها الـ 20 في المائة. دفع هذا الواقع جمعية الألزهايمر- لبنان، وهي جمعية غير حكومية تأسست عام 2004، إلى وضع رؤية ذات شقين: يرتكز الشق الأول منها على العمل من أجل الوصول إلى مزيد من العائلات لمساعدتهم في توفير نوعية حياة أفضل للمرضى، فيما يهدف الثاني إلى المساعدة في بناء البنية التحتية المهنية لتقديم الدعم والرعاية من خلال تأمين معرفة أفضل عن المرض وكسر المحرمات المتعلقة به.

وقد نتج عن هذه الرؤية جملة أهداف تشكل تحديا للجمعية أبرزها "رفع مستوى الوعي حول مرض الألزهايمر وإدارته، وتسليط الضوء على أهمية دور الرعاية الأسرية في التخفيف من حدة المرض، وتوفير سبل الوصول إلى أفضل رعاية اجتماعية وصحية، ودعم المريض خلال مسيرته في الألزهايمر".

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، لجأت الجمعية إلى برنامج التشخيص المبكر للمرض بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية وجمعية أندية الليونز. وتلفت منيمنة إلى أن الجمعية عاينت 656 مسناً ممن تجاوزوا سن الـ 65 خلال عام ونصف العام في تسع مناطق لبنانية مختلفة، وتبين أن 16.4% منهم مصابون بالمرض. وجاءت نسبة النساء المصابات بالمرض 69.2% في مقابل 30.8% لدى الرجال.

تعمل الجمعية حالياً على برنامج للتوعية تحت عنوان "العلاجات الدوائية وغير الدوائية لمرضى الألزهايمر" الذي يرتكز على جمع الأطباء والممرضين والمتخصّصين الاجتماعيين ومقدمي الرعاية الأسرية في كل منطقة، وإجراء دورات تدريبية بشأن كيفية التعامل مع مريض الألزهايمر. كما تحضر برنامجاً آخر يرتكز على تأهيل ممرضين وممرضات يقصدون البيوت لتدريب الأهل على كيفية التعامل مع المريض.

ورغم أنه ليس هناك مركز لرعاية مرضى الألزهايمر في لبنان بعد بسبب ضعف الإمكانات المادية للجمعية، فإن الجهد الذي تقوم به كبير. إذ تنظم حلقات دعم لأهالي مرضى الألزهايمر، كما تساعدهم على إيجاد حلول لمشاكلهم مع المرضى إما بواسطة الاستفادة المجانية من المعالجة الانشغالية المتطوعة في المركز لبنى أبو شقرا، التي تضع لهم نظاماً خاصاً للتعامل مع مرضاهم، وتقترح عليهم نشاطات معينة تسلي المريض، أو توصلهم بمتخصّصين إذا رغبوا في ذلك.

تسأل ابنة أليس أمها في المشهد الأخير من الفيلم عما كانت تتحدث القصة التي روتها لها، تجيب بما لا علاقة له بالموضوع، ولكن له علاقة بصميم مرضها: الحب. الحب والكثير من الحب هو ما يحتاجه مرضى الألزهايمر.

المساهمون