كورونا ليس الوباء الأسوأ في التاريخ ويمكن احتواؤه

كورونا ليس الوباء الأسوأ في التاريخ ويمكن احتواؤه

11 مارس 2020
"الغارديان: "كورونا لن يكون بسوء وباء إنفلونزا 1918" (Getty)
+ الخط -
قد تساعد المقارنات التاريخية في احتواء مرض جديد، بما أنّ التقنيات الأساسية لم تتغيّر مع مرور الوقت، ويعتبر الحجر الصحي والعزلة واستخدام الأقنعة وغسل اليدين جميعها من الطرق المعروفة عبر الزمن.

ومن أهمّ الدروس التي تعلمتها الحكومات منذ الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، هذه الكارثة البشرية التي قتلت ملايين الناس، هو أن تدابير الصحة العامة الإلزامية "تميل إلى نتائج عكسية. فالاحتواء أكثر فعالية عندما يختار الناس بإرادتهم الامتثال للتوجيهات الصحية"، حسب ما ذكرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، اليوم الأربعاء.

ولكن لكي يحدث ذلك، "يجب أن يفهم الناس خطورة التهديد الذي يواجهونه، وأن يثقوا بأنّ السلطات تعمل للمصلحة الجماعية".

وتشير الصحيفة أيضاً إلى "الدور الكبير الذي يلعبه ولعبه الدين على مرّ الأزمنة في الحد أو المساهمة في نشر الأمراض"، لافتة إلى أنّه من الواضح أنّ "كورونا (كوفيد 19) انتشر في مجموعات في كوريا الجنوبية عبر الكنائس، كما أنّ العالم رأى منشورات لحجاج في إيران تعرض مقاطع فيديو لأنفسهم يلعقون نوافذ الأضرحة في الأماكن المقدسة في قم ومشهد. لكن ممّا لا شكّ فيه أنّ الناس بشكل عام باتوا أكثر وعياً في كيفية التعامل مع الأمراض في عام 2020".

هناك أشياء كثيرة بقيت على حالها، حسبما تشير "ذا غارديان"، وتقول إنه "على الرّغم من التطوّر الكبير الذي شهدناه منذ عام 1918، مثل الأخبار المزيفة التي انتشرت آنذاك مثل النار في الهشيم، فإننا لا نزال نراها تؤثر اليوم على شريحة لا يستهان بها من الناس".

وحسب الصحيفة، فإنّ جد الرئيس الأميركي دونالد ترامب توفي بسبب إنفلونزا عام 1918، بينما يُتهم ترامب بتضليل الأميركيين بتغريداته على "تويتر"، بشأن تفشي مرض "كوفيد 19".

وفي الوقت ذاته، تشهد السلطات الإيطالية صعوبات في احتواء تفشّي المرض، في ظلّ ما تتداوله وسائل التواصل الاجتماعي الإيطالية. كذلك هناك تقارير مرعبة اليوم، عن أشخاص يشربون الكحول الصناعي أو يتعاطون الكوكايين لدرء الإصابة بمرض كورونا. وفي هذا السياق، تلفت الصحيفة إلى أنه في عام 1918 أيضًا "ظنّ الناس أن الكحول سيحميهم، واستفاد الدجالون من يأس الناس عن طريق الترويج لعلاجات غير فعالة وأحيانًا سامة. ومن الأمور التي بقيت على حالها ويصعب تغييرها، هي العادات القديمة. فكثير من الناس لا يزالون يقبّلون بعضهم البعض عند إلقاء التحية، وهو ما يجعل إغلاق الحدود للحد من انتشار الأمراض المعدية من دون فائدة، طالما أنّ الخطأ موجود بالفعل في الداخل وما زال يتعين على السلطات التعامل معه".



الإنفلونزا الإسبانية وكورونا

وتبرز الصحيفة البريطانية الاختلافات الرئيسية بين إنفلونزا عام 1918 و"كوفيد 19"، فتقول إنّ وفيات الأخير ضئيلة جداً لغاية الآن. وتضيف أنّ إنفلونزا 1918 أثرت بشكل أساسي على الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 20 و40 عامًا، بينما يصيب كورونا بشكل أساسي الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا.
وتؤكّد أنّ عائلة فيروس "كوفيد 19" مختلفة تماماً عن فيروسات الإنفلونزا، إذ ينتمي فيروس كورونا الذي أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية اسم "سارس كوف 2"، إلى عائلة الفيروسات التاجية التي تسببت بمتلازمة التنفس الحاد "سارس" في الصين عامي 2002 و2004، ومتلازمة الشرق التنفسية "ميرس" التي بدأت في المملكة العربية السعودية في عام 2012. وكانت كل من فيروسات "سارس" و"ميرس" أكثر فتكاً من "كوفيد 19"، حيث ارتفعت نسبة وفيات الحالات من 10 في المائة إلى 36 في المائة. ولكن يبدو أن الفيروسات التي تسبّب الأمراض الثلاثة انتشرت جميعها بطريقة مماثلة، على عكس الإنفلونزا، التي تنتشر بسرعة وبشكل متساوٍ بين السكان.
على ضوء ذلك، ومن الناحية النظرية، تشير "ذا غارديان" إلى أن ذلك "يجعل احتواء تفشي فيروس كورونا أسهل، وبالفعل تمت السيطرة على تفشي مرض "سارس" و"ميرس" قبل أن يتحولا إلى وباء عالمي". وخلاصة القول إن "كوفيد 19 لن يكون بالتأكيد على مستوى سوء وباء إنفلونزا عام 1918، لكنه قد يكون سيئًا".