معاوية عاشور... رسم وغناء على كورنيش غزة

معاوية عاشور... رسم وغناء على كورنيش غزة

غزة

يامن سلمان

avata
يامن سلمان
12 سبتمبر 2019
+ الخط -

وسط الأزمات المختلفة التي تتفاقم حدّتها في القطاع المحاصر، يحاول شباب غزة التحايل على واقعهم الأليم بكلّ الوسائل الممكنة.

لا يمكن للمارة على كورنيش بحر غزة في منطقة الشيخ عجلين، تفويت رسوم معاصرة بالفحم على الأرض يصوّرها معاوية، ذلك الشاب الذي يعمل على بسطة مشروبات. كثيرون من هؤلاء، يراقبون الشاب وهو يرسم فيما يجلسون على المقاعد الخشبية أو البلاستيكية المتوفّرة في المكان وتناول مشروب ما من البسطة والاستمتاع كذلك بمنظر البحر أمامهم.

يبلغ معاوية عاشور من العمر 24 عاماً، وقد عرف وعائلته ظروفاً اقتصادية صعبة. قبل ستّة أعوام، أنهى معاوية دراسته الثانوية، غير أنّه لم يتمكّن من الانتساب إلى الجامعة، نظراً إلى الظروف المعيشية المتردية وعدم قدرة والده على توفير مصاريف الدراسة الجامعية. هكذا، رأى نفسه ينطلق في العمل في مهن مختلفة لتأمين مصروفه الشخصي. ويخبر "العربي الجديد" أنّه في البداية اشتغل كعامل بناء، قبل أن يعمل في البلاطة ويحترف ذلك. لكن، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة في غزة، تقلّص العمل في ذلك المجال، فراح يشتغل في مزرعة على الحدود الشرقية لغزة، قبل أن يصير من جديد عاطلاً من العمل نظراً إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد. وبعد نحو عام، شجّعه أصدقاؤه الصيادون على مرافقتهم في رحلاتهم البحرية. ويشير معاوية إلى أنّ "البحر الذي كنت أحترف السباحة في مياهه خلال مراهقتي، صار مصدر رزقي. لكنّ ظروف الصيد صعبة أعادتني عاطلاً من العمل".



ويتابع معاوية أنّ عمّه عرض عليه حينها إدارة عمل بسطة للمشروبات الساخنة عند كورنيش البحر. يقول: "رتّبنا مساحة للجلوس أمام البسطة، وصرت أفكر بطريقة تجذب الزبائن. فباعة المشروبات الساخنة والباردة على حدّ سواء، يكثرون على كورنيش البحر. فكانت فكرة الرسم على الأرض". يُذكر أنّ معاوية يحبّ الرسم منذ الطفولة، وكان يتابع عدداً كبيراً من الرسامين/ وحصّته المفضّلة في المدرسة كانت حصّة الرسم. ومنذ ذلك الحين، كانت له محاولات رسم بسيطة، حتى وصل إلى سنّ المراهقة.



استعاد معاوية هوايته، مستنداً إلى ما كان يشاهده من رسوم لفنانين أجانب يصوّرون لوحات معبّرة على الأرض والجدران في مدارس أوروبية وغيرها. وصار يصوّر بالفحم رسوماً لشخصيات عربية وعالمية مختلفة، بالإضافة إلى أخرى لشبان وشابات بطريقة معاصرة، إلى جانب صور كرتونية وغيرها. ويعترف معاوية في السياق بأنّ "الرسم لم يفارقني في يوم. فهو كان يرافقني حتى وأنا أعمل. خلال عملي بالبناء مثلاً، كنتُ أرسم بواسطة خليط الإسمنت والحجارة منزلاً صغيراً. وعندما عملت مزارعاً، كنت أرسم على التراب. حتى في قوارب الصيد، كنت أرسم".



وبدأ معاوية، قبل شهرَين، بالرسم أمام بسطة مشروبات عمّه، وبالفعل صار يجذب الزبائن الذين يقضون بعضاً من الوقت في مراقبة طريقته في الرسم، ثمّ يحاولون التعرّف على موهبته وعلى عمله. بعض هؤلاء يطلب منه أن يرسم شخصيات معيّنة، سياسية أم غير ذلك، بالإضافة إلى رسوم أخرى يقدّمونها إلى أصدقاء لهم، في مقابل بدل مادي بسيط. وإلى جانب موهبة الرسم، يتمتّع معاوية بصوت جميل. وقد اعتاد الغناء في الصباح الباكر، عند حضوره إلى البسطة لترتيب المقاعد وتهيئة المساحة لاستقبال الزبائن. ويشير إلى أنّ "ثمّة زبائن يطلبون منّي في بعض الأحيان، غناء المواويل أو تأدية أغان رومانسية. لكنّ كثيرين يبتعدون عن البسطة بعد ذلك وهم يتحسّرون على حالي".




لا يخفي معاوية شعوره بالسعادة لأنّ "الناس صاروا يعرفونني ويحبّونني ويقصدون بسطتنا"، وفي الوقت نفسه يعبّر عن "حسرة في داخلي. أنا غير قادر على تطوير نفسي أو الحصول على فرصة عمل لائقة". بالنسبة إليه، في حال بقي في غزة، "سوف أقضي حياتي متنقلاً من مهنة إلى أخرى من دون جدوى. لن يقدّر أحد موهبتي ولن تتحسّن ظروفي الاقتصادية ولا الاجتماعية. بالتالي، أنا أفكّر بالبحث عن فرصة عمل خارج القطاع". يقول معاوية: "لا فرص لنا في هذا البلد. والبحث عن عمل صار أمراً مضحكاً في مجتمع فقير يكثر فيه الفساد السياسي. أبناء القياديين فقط هم الذين يحصلون على الوظائف المحترمة، والمشكلة الأكبر أنّ السياسيين يطلبون منّا الصمود ونحن بالكاد نحيا". ويؤكد أنّه يمثّل "حال أيّ شاب غزي يحاول في كلّ يوم العمل لتأمين مصروفه الأدنى. لذا، أجاهر بأنّني أحلم بالهجرة وسوف أسعى إليها قريباً". يُذكر أنّه في كلّ مساء يوم خميس، يجتمع 12 صديقاً له عاطلون من العمل، سبعة منّهم يحملون شهادات جامعية، أمام بسطته. هناك، يشكون معاً ظروفهم وهموهم اليومية، قبل أن يحاولوا تناسيها قليلاً من خلال الضحك والغناء والسهر حتى ساعات الصباح الأولى".

ذات صلة

الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
دانييلا فايس

سياسة

تواصل عرّابة الاستيطان وأحد أشد قادته دانييلا فايس تصريحاتها الفاشية المعادية للفلسطينيين، منادية بترحيلهم من غزة وسائر فلسطين والعودة للاستيطان في غزة.
الصورة

مجتمع

في عيد الأم أفادت تقارير فلسطينية بأنّ 37 أمّاً يستشهدن يومياً في قطاع غزة، في حين أنّ 28 أسيرة مغيبة في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الخميس، بأن بريطانيا اشترطت على إسرائيل السماح بزيارة دبلوماسيين أو ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر عناصر النخبة من حماس المعتقلين.

المساهمون