بساطة

بساطة

12 يوليو 2019
هكذا كان يبدو كوخ ثورو في والدن (فاريل غريهان/Getty)
+ الخط -

"عالبساطة البساطة ويا عَيني عالبساطة... قدّيش مِسْتحْلِيّة عيش جَنبَك يا بو الدراويش... تغدّيني خِبزة وزيتونة وتعشّيني بطاطا". في فيلم "أهلاً بالحبّ" الذي وُصف بـ"الفيلم الغنائيّ الكبير" مع إشارة "بالألوان الطبيعيّة"، غنتّ صباح - تقاسمت بطولة العرض مع فريد شوقي وعبد السلام النابلسي - "عالبساطة البساطة" من كلمات ميشال طعمة وألحان سهيل عرفه. كان ذلك في عام 1967.

ليست صباح، الشحرورة، الوحيدة التي تناولت موضوع البساطة أو الحبّ البسيط وغير المتكلّف. كثر نظموا أغنيات في السياق أو لحّنوها أو أدّوها، وإن لم تتضمّن كلمة "بساطة" بحدّ ذاتها، لعلّ زياد الرحباني أحد هؤلاء مع "بلا ولا شي" التي بُثّت للمرّة الأولى في عام 1985.

في الثاني عشر من يوليو/ تمّوز من كلّ عام، تحتفل المملكة المتّحدة بـ"يوم البساطة الوطنيّ"، في ما يُعَدّ تكريماً للفيلسوف والشاعر الأميركي هنري ديفيد ثورو الذي وُلِد في مثل هذا اليوم من عام 1817. هو كان مناصراً للعيش في بساطة وقد ألّف عدداً من الكتب في هذا السياق، ولعلّ مؤلّفه الأبرز كان "والدن أو العيش في الغابات". وثورو الذي عُرف كواحد من أبرز القائلين بمذهب "المثاليّة التجاوزيّة" الذي نادى به الفيلسوف الألمانيّ إيمانويل كانط، كان كذلك من الداعين إلى العصيان المدنيّ بهدف انتزاع الحقوق وإلى رفض الظلم وإنهاء العبوديّة.

وفقاً للقائمين على هذا اليوم البريطانيّ، فإنّنا في عالمنا اليوم حيث الهواتف النقّالة والكمبيوترات المحمولة وغيرها من الأجهزة الحديثة، نادراً ما نختبر السلام الحقيقيّ والهدوء لاستجماع أفكارنا. لذا يدعو هؤلاء، بالمناسبة، إلى "إبقاء التكنولوجيا في المنزل" واختبار شعور عيش اللحظة بالفعل... حقيقةً. تجدر الإشارة إلى أنّ هذا اليوم ليس مدرجاً على قائمة العطل الرسميّة في البلاد، وإن صُنّف يوماً وطنيّاً كما هي حاله في الولايات المتحدة الأميركيّة.




"العيش في بساطة". هذا ما يدعو إليه القائمون على يوم الثاني عشر من يوليو. وتشرح مراجع لغويّة مختلفة أنّ الأمر يعني عيش حياة طبيعيّة لا تصنّع فيها. أمّا البساطة بحسب المراجع نفسها، فتعني العفويّة والوضوح والطبيعيّة وعدم التكلّف وعدم التعقيد وما إلى ذلك. هل نحن قادرون، بالفعل، على عيش حياتنا في بساطة؟ كيف السبيل إلى ذلك؟ كيف يمكننا تثمين/ تقدير الأشياء/ الأمور البسيطة؟ كيف نتخطّى ضغوط يوميّاتنا، علماً أنّها كثيرةٌ تلك التي لا تُعَدّ ضروريّة؟ نحن مستهلَكون كليّاً بما يحيط بنا، لدرجة أنّنا لسنا قادرين على التوقّف ولو لبرهة ومحاولة العيش في بساطة ما. في حال فعلنا، قد نفوّت الكثير. هل نحن مستعدّون لذلك؟ هل نتمكّن من اللحاق بركب سوانا لو فعلنا؟

المساهمون