ترجيح إصابة 2 مليار شخص بمرض نفسي بحلول 2030

تقديرات تتنبأ بإصابة 2 مليار شخص بمرض نفسي بحلول 2030

10 أكتوبر 2018
اليوم العالمي للصحة العقلية 2018 (فيسبوك)
+ الخط -


لم تعد الأمراض النفسية حكراً على سكان الدول الفقيرة والنامية، بل أصبحت أعراض الاكتئاب  والوحدة والميل للانتحار موضع دراسات وبحث في دول العالم المتقدم، حتى الأكثر استقراراً على المستويين السياسي والاجتماعي منها، مثل دول إسكندنافيا على سبيل المثال.

وأحدث التقديرات يشير إلى أن ملياري شخص سيصابون بأمراض عقلية بحلول عام 2030 إذا لم تتدارك الحكومات والمجتمعات نشر المعرفة بتلك الأمراض، وسبل الوقاية منها والمهام الواجب اتخاذها، وذلك لمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، والذي بدأ الاحتفال بها للمرة الأولى في عام 1992 بمبادرة من الاتحاد العالمي للصحة العقلية، وانضمت إليها أكثر من 150 دولة.

وتحمل المناسبة هذا العام شعار "الشباب والصحة النفسية في عالم متغير"، على اعتبار أن مرحلة المراهقة وسنوات سن الرشد الأولى تحدث فيها العديد من التغييرات تؤثر على الاستقرار النفسي مثل تغيير المدرسة أو مكان السكن، وخوض تحديات البدء بالتعليم العالي والعمل. كما يواجه كثيرون حالات طوارئ مثل النزاعات والكوارث الطبيعية والأوبئة، إضافة إلى الانغماس بعالم الاتصال الإلكتروني الافتراضي المفتوح على مدار الساعة، وكل ذلك يولد مشاعر القلق التي تتحول إلى أزمة ومرض نفسي، حال الجهل بمعرفتها وسبل مواجهتها.


أرقام وتقديرات

يقدر الاتحاد العالمي للصحة العقلية WFMH أن 2 مليار شخص سيصابون بمرض نفسي بحلول عام 2030، ويمكن أن تكون كلفة ذلك على الاقتصاد العالمي نحو 16 تريليون دولار. ويؤكد ضرورة زيادة الوعي بالصحة العقلية وأهميتها في تحسين الصحة العامة للإنسان، مع تمكين من يعانون مشاكل الصحة العقلية من الحديث عن أزماتهم وتلقي العلاج اللازم.

تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن شخصاً بالغاً من كل أربعة، وطفلاً من كل 10 أطفال، يعانون سنوياً مشكلة صحية عقلية. وإن 50 في المئة من المرضى النفسيين تبدأ أزماتهم بعمر 14 عاماً، وإن معظم الحالات لا يتم اكتشافها أو معالجتها. كما تبيّن أن الاكتئاب هو السبب الثالث لوفيات المراهقين، والانتحار هو السبب الثاني لمن هم بين 15 و29 عاماً.



المرض النفسي بين القبول والرفض

ذكر تقرير صدر في التاسع من أكتوبر الجاري في مجلة "لانسيت" الطبية، أعده 28 اختصاصياً عالمياً في الطب النفسي والصحة العامة وعلم الأعصاب، أن تنامي أزمات مرضى الصحة العقلية يمكن أن تسبب ضرراً مستديماً ليس للمرضى وحدهم وإنما لمجتمعاتهم الصغيرة والواسعة، والاقتصاديات في جميع أنحاء العالم. ووصفوا الوصمة المرتبطة بالصحة العقلية بأنها "سلوك مدمر" يجعل من الصعب على المتضررين متابعة المساعدة.

وبينت التقديرات أن نحو ربع المصابين بمشاكل في الصحة العقلية يخضعون للعلاج المستمر فقط. فيما تواجه الغالبية العظمى من المتضررين من هذه المشاكل مجموعة متنوعة من القضايا، تتراوح بين العزلة إلى عدم اليقين بشأن مكان الحصول على المساعدة أو المعلومات، وكذلك الاعتماد على الدعم غير الرسمي للأسرة أو الأصدقاء أو الزملاء.

وعن قبول المرض النفسي ومساعدتهم، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الوقاية تبدأ من إدراك وفهم علامات الإنذار المبكر للأمراض العقلية، ويمكن للوالدين والمعلمين المساعدة في بناء المهارات الحياتية للأطفال والمراهقين لمساعدتهم على التعامل مع تحديات الحياة اليومية في المنزل والمدرسة. ويمكن تقديم الدعم النفسي الاجتماعي في المدارس وغيرها من الأماكن المجتمعية، وتمكين العاملين الصحيين من اكتشاف اضطرابات الصحة العقلية وإدارتها أو تحسينها أو توسيعها.


الصحة النفسية في أوروبا

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تمثل أمراض الصحة العقلية ما يقرب من 20 في المئة من الأمراض في أوروبا، ما يؤثر على واحد من كل أربعة أشخاص. ويشير تقرير المنظمة لعام 2017 أن 27 في المئة من السكان البالغين في النرويج وسويسرا وفنلندا يعانون مرضاً في الصحة العقلية، بما في ذلك القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل. ويلفت إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المتعلقة بالصحة العقلية باستثناء الاضطرابات الذهانية، واضطرابات تعاطي المواد المخدرة. ويوضح أن 9 من أصل 10 بلدان ذات أعلى معدلات في الانتحار تقع ضمن الاتحاد الأوروبي.

وتبيّن أرقام مفوضية الاتحاد الأوروبي أن 4 في المئة من جميع الوفيات في الاتحاد الأوروبي في عام 2014 نتجت عن الاضطرابات النفسية والسلوكية. وإن 7 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي أبلغوا عام 2014 عن إصابتهم باكتئاب مزمن. وفي عام 2015، كانت 14 في المئة من أسرّة المستشفيات في الاتحاد الأوروبي عبارة عن أسرّة للرعاية النفسية.


الصحة النفسية في الولايات المتحدة

يعاني أكثر من 40 مليون أميركي من اضطرابات نفسية، بحسب موقع Mental Health America في تقرير صادر عام 2017.

ويوضح أن الصحة النفسية للشباب تزداد سوءاً، إذ ارتفعت معدلات الشباب المصابين بالاكتئاب الحاد من 5.9 في المئة في عام 2012 إلى 8.2 في المئة في عام 2015. وأن 76 في المئة من هؤلاء الشباب يعانون نقص أو عدم كفاية العلاج. وأن 9.6 مليون أميركي فكروا بالانتحار.

ويشير إلى نقص خطير في القوى العاملة في مجال الصحة العقلية في الولايات، ويشمل ذلك الأطباء النفسيين، وعلماء النفس، والاختصاصيين الاجتماعيين، والمستشارين، وممرضات الطب النفسي مجتمعين.



الصحة النفسية في آسيا

في جميع أنحاء آسيا والمحيط الهادئ، تبدأ نسبة الإصابات بالعلل النفسية في أدناها في سنغافورة بمعدل 4 في المئة من السكان البالغين، وأعلاها في فييتنام وتايلاند ونيوزيلندا وأستراليا بنسبة 20 في المئة. وذكرت مجلة The Lancet أن المؤشرات تدل على أن معدلات انتشار المرض النفسي في بلدان مثل الصين والهند واليابان وكوريا وتايلاند وماليزيا ازدادت.

في الهند وجد الاستقصاء الوطني للصحة العقلية لعام 2016 أن ما يقرب من 14 في المئة من سكان الهند يحتاجون إلى تدخلات نشطة في مجال الصحة العقلية، بحسب تصريح رئيس الهند في القمة العالمية للصحة النفسية في نيودلهي في نوفمبر 2017.

ويشير التصريح إلى أن الهند البالغ عدد سكانها 1.25 مليار نسمة، لديها 700 ألف طبيب فقط. لكن في مجال الصحة النفسية الندرة أكثر حدة، إذ لا يوجد سوى 5000 طبيب نفسي وأقل من 2000 طبيب نفسي سريري.


ويؤكد أن سكان المدن من الأطفال والمراهقين والشباب في الفئة العمرية المنتجة هم الأكثر عرضة للأمراض العقلية، وأن 65 في المئة من سكان الهند هم دون سن 35 عاماً، ما يعني أن المجتمع يعاني مشكلة فعلية في الصحة العقلية. وإن أكبر عائق يواجه مرضى الصحة العقلية هو الوصم والإنكار، الذي يؤدي إلى تجاهل القضية أو ببساطة عدم مناقشتها.

في الصين سجلت منظمة الصحة العالمية إصابة 54 مليون صيني بالاكتئاب، ما يمثل 4.2 في المئة من سكان البلاد عام 2017.

وذكرت The Lancet في عام 2012 أن نحو 173 مليون صيني تم تشخيص إصابتهم بأمراض عقلية قابلة للتشخيص أو اضطرابات نفسية، ومن هؤلاء سعى 15 مليوناً للعلاج فقط.

ووفقاً لتقرير مشترك بين جامعة جياندانكسينلي وجامعة بكين حول صناعة الرعاية الصحية النفسية المحلية، فإن 60 في المئة من الأشخاص الذين يتلقون المشورة تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عاماً، و50 في المئة منهم عازبون، وأكثر من 70 في المئة منهم من الإناث.

المساهمون