جريمة فقط من دون "لكن"

جريمة فقط من دون "لكن"

22 يوليو 2016
يودعون قنديل النجمة الشابة ذات الـ26 عاماً (فرانس برس)
+ الخط -
"نسوية مودرن" هكذا كانت تحب أن تسمي نفسها. هي الشابة العشرينية التي كانت تليق بها حياة لم تكملها. قتلت على يد أخيها. السبب: تسلّط وذكورية. للقانون والأعراف رأي آخر يسمونه "الشرف". ليس لرأيهم قيمة منطقية، لكنّ قيمته المجتمعية يرعاها القانون. الجريمة وقعت، وقنديل بالوتش قتيلة. القاتل الأول: الأخ، سيأخذ بلا شك عذراً مخففاً. والقاتل الثاني: المجتمع، لا يهتم لأنّ سلطته في يد ذكوره. والقاتل الثالث: القانون، يعد نساء باكستان بكثير من القلق والخوف.

"عرّابة قانون حماية النساء" هكذا أطلق عليها. فبعد مقتل منال عاصي بشهرين صدر قانون حماية النساء من العنف الأسري في لبنان. قتلت منال على يد زوجها. السبب: أيضاً تسلط وذكورية. للزوج القاتل رأي آخر أيضاً أسماه "الشرف". رأيه أيضاً في منطق الأمور لا قيمة له. لكنّ القانون والقضاء منحاه "قيمة". لا بل تفوّق القضاء على نفسه وعلى الزوج معاً، وبرر للقاتل فعلته. "ثورة غضب" كانت كافية لتخفيف حكمه من الإعدام إلى خمس سنوات سجناً.

والد قنديل أصر أنّ ابنته قتلت، وطالب بمحاكمة الجاني. أما القاضية في لبنان فحاكمت منال أخلاقياً وحكمت عليها (في موتها) بأنها "خائنة" مبررة جريمة قتلها.

قنديل ومنال هما مئات النساء اللواتي يُقتلن تحت مسمى "الشرف"! وهن آلاف النساء المهددات يومياً "بالقتل" في مجتمعات تلصق "شرفها" بسلوك النساء، وتخفف قوانينها الأحكام على الجناة بذرائع لتبرير جرائم قتل تحت مسمى "الشرف". من ذلك القتل بسبب الزواج من خارج الطائفة من دون رضى الأهل، أو العودة في ساعة متأخرة، أو علاقة حب، أو المطالبة بالإرث، أو وجود خلافات زوجية حادة، أو فض البكارة قبل الزواج، أو حتى وقوف الفتيات مع شخص غريب ومحادثته، أو قيام إهداء شاب أغنية عبر الإذاعة.

خريطة طريق "الحماية" القانونية للنساء من العنف الأسري في لبنان محفوفة بالمخاطر حد القتل: ففي مواجهة قانون 293 – قانون حماية النساء من العنف الأسري، هناك قوانين الأحوال الشخصية الـ15، وفي الأخير يمكن "للذكر" إن كان رجلاً أو قضاءً أو مجتمعاً أن يستغل الثغرات القانونية لمنع النساء من حقهن بالحماية القانونية الكاملة. وفي مواجهة المادة 562 (المتعلقة بالعذر المخفف لجرائم الشرف) والتي ألغيت عام 2011 هناك المادة 252 من قانون العقوبات، التي تستند إلى "ثورة غضب شديد" ليستفيد الجاني من "العذر المخفف" مجدداً. (ما استندت إليه القاضية التي أصدرت الحكم بحق زوج منال عاصي).

يبقى أن تطوير مجتمعاتنا والانتقال بها فوق مستوى القبائل، يتطلب النظر إلى القتل كجريمة، من دون "لكن".

(ناشطة نسوية)

دلالات

المساهمون