غضب مسلمي الدنمارك لمحاولة حرق مسجد الوقف الاسكندنافي

غضب مسلمي الدنمارك لمحاولة حرق مسجد الوقف الاسكندنافي

17 اغسطس 2015
يتخوف المسلمون من تزايد الحوادث تجاه المساجد (العربي الجديد)
+ الخط -


تتروى منذ ظهر أمس الأحد، الجمعيات الإسلامية في إطلاق تصريحات رسمية، حول محاولة حرق "مسجد الوقف الاسكندنافي" في ضاحية شمال غرب العاصمة كوبنهاغن، التي قالت الشرطة الدنماركية إنها متعمدة.

وقال الناطق باسم الوقف الذي يضم المسجد المستهدف، عمران شاه، إن: "الجريمة وقعت جهارا، نهارا عند الحادية عشرة والنصف ظهرا. الأمر كان من الممكن أن يؤدي إلى كارثة حقيقية بفعل وجود حركة نشطة للأطفال في المسجد"، بالتزامن مع نشاط المساجد في تقديم دروس اللغة والدين في نهاية الأسبوع، مثل معظم مساجد ومصليات البلاد.

وقال مدرس اللغة العربية في كوبنهاغن، عبد الصمد، لـ"العربي الجديد": "ذهب هذا الرجل (المشتبه به) إلى محطة بنزين مقابل المسجد واشترى ليترين من البنزين، ثم وبكل جرأة ضرب الزجاج ورش البنزين واستخدم قداحة ليشعل النار وهرب من المكان. لولا التدخل السريع لإطفاء النار في المكتبة لحدثت كارثة حقيقية".

وأكد الشاب مصطفى السيد أن اختيار التوقيت لم يكن اعتباطيا، "فلو كان افتعال حريق ليس مستهدفا منه الأذى لمن هم في المسجد، حيث يستطيع الجميع رؤية الحركة النشطة للأطفال واليافعين، لما جرت هذه المحاولة نهارا وبهذا الشكل الوقح".


الغضب الذي يشعر به المسلمون جاء إثر كشف السلطات الأمنية والقضائية عن اعتقال المشتبه به، وتصريحها أنها وجدت آثار البنزين على حذائه وملابسه وأداة الإشعال، ورغم ذلك كله، وفور اعتقاله عند الخامسة والنصف مساء، بدأ الحديث عن "متهم مريض نفسيا"، وهي الجملة التي تداولتها صحف محلية يعتبرها كثيرون محرضة وتتعامل بازدواجية مع قضاياهم وقضايا المهاجرين عموما.

في كوبنهاغن، وتحديدا في محكمة فريدريسبيرغ، تقرر ظهر اليوم الإثنين "حجز المتهم" لأربعة أسابيع على ذمة التحقيق. لكن ما جرى هو "حكم غيابي صادر عن قاضي التحقيق" والحجة أن "الرجل يعاني من أمراض عقلية"، وهو لم يحضر الجلسة، حيث قامت الشرطة بإيداعه مصحا للأمراض النفسية برضاه التام، وصباح اليوم ظهرت معلومة مناقضة تقول: "لقد وضع الرجل في المصح وتم ربطه بأحزمة لأنه أظهر تصرفات غير طبيعية".

طالبة علم اللاهوت أمينة يبسن، دنماركية مسلمة، قالت لـ"العربي الجديد": "الإشارة إلى أن كل مهاجم للمسلمين مختل نفسيا، من أميركا حتى أوروبا، ليست إشارة جيدة. فيمكنك أن تجد الكثيرين على الطرف الآخر أيضا مختلين ويعانون نفسيا. تلك مبررات فظيعة وترسل إشارات غير صحية لمجتمعات تعجز عن الخروج من كراهيتها للإسلام ونبذ مواطنتهم".

المتهم الدنماركي (34 سنة)، وبحسب المعلومات التي رشحت لـ"العربي الجديد"، كان بالفعل نزيل مصح عقلي في السابق وخرج قبل شهر ونصف. لكن لماذا استهدف مركزا إسلاميا دون غيره؟ هو السؤال الذي لم يستطع أحد الإجابة علنه، خاصة أنه لم يجر الاستماع لأقواله بعد، رغم كونه صاحب سوابق تخريب في سنوات سابقة. لكن قيامه هذه المرة بمحاولة تخريب مسجد يثير الكثير من الأسئلة بين شباب مسلمين.



وذهب بعض الشباب للقول: "من قال إن الذي يعاني نفسيا لا يمكن إقناعه أن المسجد والمسلمين سبب تعاسته وعليه أن ينتقم منهم؟". ذلك الاستنتاج يثير ذعر بعض المهتمين بشؤون الجالية الإسلامية في الدنمارك وبقية الدول الاسكندنافية.

وعلى وقع الهجوم دعت حركة "بيغيدا" (الفرع الدنماركي) إلى مظاهرة مساء اليوم الإثنين في وسط مدينة آرهوس، تحت شعار "إغلاق المساجد ووقف أسلمة أوروبا".

اقرأ أيضاً:سحب الجنسية من دنماركي مغربي بتهمة "دعم الإرهاب"

وكشف الإمام عبد الله إسماعيل، من مسجد في مدينة آرهوس، أن "حالات تهديد كثيرة وصلتنا، وهذه الحالة ليست معزولة عن الحملة التي وصلت حد التحريض على المساجد والمسلمين. نشاطات شبابية وللأطفال نقوم بها في المراكز والجمعيات والمساجد ولا أحد يقدر حالة الرعب التي من الممكن أن تصيب الأطفال، حين يقع حادث كهذا أو يُكسر زجاج مسجد أو يُرسل تهديد لا يؤخذ على محمل الجد".


شباب مسلمون، ومنهم دنماركيون أشهروا إسلامهم، يقارنون بين الموقف السياسي والإعلامي من تعرض كنيس أو مدرسة يهودية لتهديد، وتنفيذ تهديدات كمضايقة محجبات والبصق عليهن في الشارع ومحاولات إشعال المساجد كما حدث في السويد وألمانيا.

ومن الجدير ذكره أن الكنيس اليهودي محمي أمنيا مثل مدارسها وتخصص الدولة مبالغ مالية للأمر، بينما الشكاوى التي تقدمها بعض المساجد التي تتعرض لمضايقات وتهديدات لا تؤخذ على محمل الجد، بحسب ما أكد قائمون على عدد من المساجد الدنماركية.

مطالب بحماية أمنية
وعلى وقع تلك الانتقادات بدأت تتعالى اليوم الإثنين، أصوات السياسيين، وخصوصا من اليسار، في البرلمان، مطالبة حكومة اليمين بتوفير حماية أمنية للمساجد. فقالت عضو البرلمان ومقررة الشؤون العدلية في حزب اللائحة الموحدة، بارنيلا سكيبر: "هذه جريمة كراهية فظيعة، نجا أطفال من خطر حقيقي. علينا جميعا أن نصرخ بكل قوة الآن لرفض هذه الأعمال وبشدة، فتلك أعمال تتنافى وديمقراطيتنا".

وقال الحزب إنه سيدعو وزير العدل من حزب اليسار اليميني (الذي يقود حكومة الأقلية اليمنية)، سورن بيند (صاحب المواقف المنتقدة للإسلام)، إلى "إعادة تقييم الوضع الأمني للأقلية المسلمة في البلاد".

وذهبت ممثلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض في كوبنهاغن، آنا ميي أليرسليو، إلى القول: "هذا تصعيد خطير جدا ومقلق لنا، حيث يكتسب الاعتداء على مجموعة بشرية في المجتمع شرعية. إذا كان علينا محاربة التشدد فعلينا محاربته على كل المستويات بعد تعرض أقليات لهجمات متكررة، لقد لفتنا الانتباه مرات عدة إلى تنامي الإسلاموفوبيا المتصاعدة ضد المسلمين في الدنمارك".

وظهر اليوم قامت الاستخبارات الدنماركية بعقد اجتماع مع ممثلي مساجد "لبحث كيفية حمايتها من مثل تلك الاعتداءات"، بحسب ما صرح لـ"العربي الجديد" مصدر مشارك عن الجالية الإسلامية.

ويعترف عدد من القائمين على المساجد الدنماركية بـ"تفشي حالة قلق بين مرتاديها من تكاثر الهجمات في دول الجوار، واكتسابها شرعية في الدنمارك بفعل تصريحات تعميمية تحمل الكراهية من المستويين الإعلامي والسياسي"، بحسب إمام مسجد غريمهوي في آرهوس "أبو بلال".
ويعلق شاب عربي: "لو أن مواطنا غربيا تعرض لربع ما نتعرض له لسمعنا تنديدات وأصوات رسمية عربية، بينما نحن نتعرض لكل هذا ولا نسمع صوتا رسميا عربيا واحدا يشير إلى مآسي الآلاف من العرب والمسلمين. بشبهة الإرهاب أصبح كل شيء مباحا".


اقرأ أيضا:حملة على وزير دنماركي لأنه تكلّم عن إيمانه بالله