"إيدز" بين أطفال باكستان

"إيدز" بين أطفال باكستان

23 يونيو 2019
هؤلاء الأطفال أصيبوا بالفيروس (رضوان تباسوم/ Getty)
+ الخط -

سليم طفل يبلغ من العمر عشرة أعوام، وهو من سكان رتوديروا في مديرية لاركانا في إقليم السند جنوب باكستان. أُصيب بالحمى إثر التهاب في الحنجرة. لكن لم ينته الأمر هنا، إذ اكتشف لاحقاً أنه يعاني من فيروس نقص المناعة المكتسب "الإيدز". هو ابن وحيد، وقد رزق به والداه بعد عشرة أعوام من الزواج.

قبل ثلاثة أشهر، أصيب سليم بالحمى. ولمّا اشتدت، أخذ الوالد ابنه إلى طبيب في القرية يدعى مظفر غنغارو، فأعطاه دواء وحقنة وشفي الطفل. وبعد شهر، عانى من الحمى مجدداً. ومرة أخرى، أخذ الوالد ابنه إلى الطبيب نفسه الذي أعطاه دواء وحقنة. هذه المرة، لم يتحسّن الطفل، علماً أنه أخذه أكثر من مرة إلى الطبيب نفسه. لمّا اشتد مرضه وظهرت حبوب حمراء على جلده ولسانه، أخذه الوالد إلى طبيب آخر. وبعد إجراء الفحوصات، اكتشف أنّ الطفل مصاب بالإيدز. ومع مرور الأيام، ذهب إلى الطبيب أطفال آخرون من القرية نفسها مصابون بالإيدز، وقد وصل عددهم إلى 312 طفلاً، عدا عن إصابة رجال ونساء كبار في السن، وقد عولجوا عند الطبيب نفسه الذي استخدم الإبرة نفسها، كما تبيّن إدارة الصحة المحلية في إقليم السند التي أجرت تحقيقات مع الطبيب وفحوصات للمرضى.

وقد أفادت السلطات في لاركانا جنوب باكستان بأن مظفر غنغارو، المصاب بفيروس الإيدز، نقل المرض إلى أشخاص آخرين خلال شهر إبريل/ نيسان الماضي، وقد أوقف للتحقيق معه والوقوف على تفاصيل القضية، بحسب ما ذكرت صحيفة "الغارديان". من جهته قال رئيس برنامج مكافحة الإيدز في إقليم السند سكندر ميمون إن السلطات أخضعت نحو 16000 شخص لفحوصات في لاركانا، وتبين أن 437 طفلاً ونحو 100 رجل أصيبوا بالفيروس، وأن 60 في المائة من الأطفال تحت سن الخامسة.




في هذا الإطار، صرّح وزير الصحة في الحكومة المحلية في إقليم السند أزرا بيجهاوو بأنّ التحقيقات تشير إلى ضلوع بعض الأطباء في القضية، والحكومة مهتمة بمتابعتها، خصوصاً لأنها مرتبطة بحياة المواطنين والأطفال على وجه الخصوص. وتشير إلى اعتراف الطبيب بالجريمة، وقد أكد أنه استخدم حقنة واحدة للعديد من المرضى. وبحسب تقرير أصدرته الوزارة، فإن الطبيب نفسه مصاب بـ "الإيدز"، وقد أضاف أن المتهم ليس طبيباً، وقد تعلّم فقط حقن المرضى وكتابة الوصفات الطبية، وكان يقوم بدور الطبيب في القرية، وهو ما يسمّى محلياً بـ "عطائي" أي الطبيب القروي العاجز عن القراءة والكتابة.

وتؤكد إدارة برنامج مكافحة الإيدز أن الرجل كان يمارس مهنة الطب منذ فترة طويلة. لكن المشكلة أنه استخدم حقنة واحدة للعديد من المرضى، إذ كان يسعى إلى ألّا يصرف المال على الإبر، فدمّر حياة المئات. وعمدت السلطات المحلية، وتحديداً المعنية بقطاع الصحة، إلى إطلاق حملة من أجل فحص جميع أهالي لاركانا. وهناك خشية من اكتشاف مزيد من المصابين بالإيدز. والمشكلة الكبرى هي أن قلة في هذه القرية تتابع التعليم. بالتالي، فإنّ مستوى الوعي لديهم ضعيف للغاية.

خلال عام 2018 وحده، أصيب 35 ألف شخص بالإيدز. وتجدر الإشارة إلى أن هذا هو عدد المسجلين لدى الإدارة، علماً أن هناك حالات غير مسجّلة، وهو ما تشير إليه الإدارة في تقاريرها السنوية. كذلك تقدّر عدد المصابين سنوياً بنحو 20 ألفاً، 60 في المائة منهم في إقليم البنجاب. وتقول وزارة الصحة إن جل الإصابات ناتجة عن استخدام حقن غير معقمة. ويشير تقرير البرنامج إلى أن عدد المصابين في إقليم البنجاب وصل إلى 75 ألف مصاب، علماً أن عدد المصابين في السند هو نحو 60 ألفاً. وفي إقليم خيبربختونخوا، فإن عدد المصابين بالإيدز بلغ نحو 16 ألفاً، ونحو خمسة آلاف في بلوشستان. وفي العاصمة إسلام أباد، بلغ عدد المصابين ستة آلاف و675، ويوجد نحو 2500 مصاب في الشطر الباكستاني من إقليم كشمير وإقليم غلغت - بلتستان.



في ما يتعلق بعلاج المرضى، فإن عدد المصابين المسجلين الذين يتلقون العلاج من برنامج مكافحة المرض فقط بلغ 23 ألفاً، والبقية مسجلون كمصابين. وعلى الرغم من أن ميزانية البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز تصل إلى الملايين، فإن ثمة نقصاً كبيراً في كيفية تعامل الإدارة مع الفيروس والمصابين، كونها لا تغطّي جيمع المصابين وكل المناطق. وتعد وتيرة انتشار الفيروس في باكستان الثانية في آسيا، بحسب الأمم المتحدة.

دلالات

المساهمون