تقرير حقوقي: المصري "أقل من أجنبي" والحكومة تحابي الأجانب

تقرير حقوقي: المصري "أقل من أجنبي" والحكومة تحابي الأجانب

13 مايو 2019
ضغوط سياسية تغير أحكام القضاء وتبرئ الأجانب(جيانلويجي غارسيا/فرانس برس)
+ الخط -
أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، منظمة مجتمع مدني مصرية، اليوم الاثنين، ورقة موقف تتضمن العديد من الأمثلة عن التمييز ضد المواطنين المصريين ومحاباة الأجانب، والتي زادت وتيرتها عقب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في عام 2014.

وذكرت الشبكة أن الورقة تحت عنوان "أقل من أجنبي، عن ممارسة الحكومة المصرية التمييز ضد المصريين، ومحاباة الأجانب" توضح أن "الخطاب الوطني الذي يقترب من الشوفينية والاتهامات بالعمالة والتشكيك بالمعارضين والمنتقدين، ما هو إلا ستار يخفي خلفه تمييزا ضد المصريين لصالح الأجانب، ولاسيما الأجنبي الغربي أو الخليجي، وأن الحكومات المتعاقبة منذ ثورة يناير تنحاز في سياساتها العامة لمن هو أجنبي بما فيه الانحياز القانوني، حتى اضطر بعض المصريين من مزدوجي الجنسية، للتخلي عن جنسيتهم المصرية للفكاك من السجن والتهم الملفقة".

وتابعت الورقة "أما الخطاب الإعلامي الذي يضج بالمزايدة الوطنية، فهو مجرد خطاب للاستهلاك الإعلامي المحلي، والمخالفة للوقائع التي تقول إن هناك تمييزا يمارَس ضد المواطنين المصريين، لا سيما المعارضين أو المنتقدين".

وأكدت الشبكة العربية أن الورقة "لا تهدف للنيل أو المساس بالأجانب، فأغلبهم كانوا ضحايا بالأساس مثل قضية المجتمع المدني أو صحافيي الجزيرة، والبراءة أو الرحيل عن مصر كجزء من حقهم، بل كان الهدف من المقارنة، هو توضيح التناقض بين الخطاب الوطني للنظام المصري مع التمييز ضد نفس المواطنين الذين يغازلهم بهذا الخطاب".

لماذا هذه الورقة الآن؟

أشارت الشبكة إلى أن "لدى الشارع المصري شعورا متصاعدا بأن الجنسية المصرية لا تحمي أصحابها في بلادهم"، خصوصاً حين تقع المقارنة بين معاملة المصري ومعاملة الأجنبي داخل مصر وخارجها. وتابعت "لذلك وجب البحث والتدقيق لمعرفة ما إذا كان هذا الشعور ناجما عن شائعات مغرضة ورطانات إعلامية وشكوى لا أصل لها، أم أن هناك مظاهر وقرائن تعزّز هذا الشعور لدى المواطن المصري بذاك الخذلان الناتج من حمله للجنسية المصرية".

وأوردت نماذج للتمييز ضد المصريين، منها ما حدث في عام 2008 عندما وقّعت مصر والسعودية اتفاقية تبادل المسجونين، ولكن في نفس العام، قامت السلطات السعودية باعتقال المدون المصري يوسف العشماوي وأودعته في سجن "الحاير" دونما اتهام أو قضية، ونتيجة تراخي وزارة الخارجية المصرية التي كان يتولاها وقتها أحمد أبو الغيط، في معرفة أسباب اعتقاله أو السعي للإفراج عنه. ورفعت الشبكة العربية قضية لعزل أحمد أبو الغيط، وتنظيم وقفة أمام السفارة السعودية للمطالبة بالإفراج عنه، لكن نظام مبارك لم يتحرك.
وحسب الورقة "لم يختلف الأمر كثيرا خلال حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، إذ خلت السجون المصرية من السجناء السعوديين، بعد الإفراج عن 25 سجينا سعوديا في مارس/آذار 2013 رغم وجود نحو 1000 سجين مصري بالسجون السعودية".

وأدرجت نموذجاً آخر تمثل بـ "القضية 173: إفراج وطائرة عسكرية وسفر للمتهمين الأجانب". وقالت الشبكة "بينما يتهم النظام المصري كلَّ مَن ينتقده بالخيانة والعمالة لجهات أجنبية، ويدّعي احتكار الوطنية والولاء، قام بفبركة قضية منظمات المجتمع المدني والمعروفة إعلاميا بالقضية 173، إلا أننا نجد أن النظام المصري، والذي وضع المتهمين في مصاف العملاء للخارج، ورغم المؤتمرات الصحافية التي عقدها وزير العدل وقتها عادل عبد الحميد، وبقايا نظام مبارك ممن استعان بهم المجلس العسكري مثل فايزة أبو النجا، التي كالت الاتهامات ضد العاملين بالمجتمع المدني، واحتجاز العديد من الأجانب، إلا أن مسار القضية تغيّر تمامًا، وقال بعض القضاة إن ضغوطا مُورست عليهم بخصوص المتهمين الأجانب، وتم الإفراج عنهم وسافروا بطائرة أميركية خاصة، وهو الأمر الذي يستدعي موافقة المجلس العسكري، واستمرت القضية، حتى صدر الحكم ببراءتهم جميعا، لكن الحكم استثنى المتهمين المصريين".

وتحت عنوان فرعي "تعويض الأجنبي يساوي 140 ألف دولار والمصري يساوي 2000 جنيه مصري، وأحيانا لا شيء"، ذكرت الورقة أن من الأحداث الجسام التي أثارت ضجة في الشارع المصري وزادت من شعور المصريين بالمرارة والاغتراب داخل وطنهم، حادثة قصف الجيش المصري حافلة السياح المكسيكيين "بالخطأ" ومن معهم من المرافقين المصريين بالصحراء الغربية، وقتل 8 مكسيكيين و4 مصريين. وأثار الحادث غضب حكومة المكسيك التي طالبت مصر بالتعويضات اللازمة. وبالفعل، دفعت الحكومة تعويضات بلغ قدرها 140 ألف دولار عن كل قتيل مكسيكي، في حين لم تدفع سوى 2000 جنيه مصري عن كل قتيل مصري، وهو ما يعادل أقل من 150 دولارا.

وعن قانون ترحيل المتهمين الأجانب، فقد وصفته الورقة بـ"تحايل على الدستور وتدخُّل بشؤون القضاء"، وأكدت أن "قانون 140 لسنة 2014" أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي كمخرج من الضغوط الهائلة التي مارستها بعض الدول التي ينتمي إليها بعض المتهمين في قضية قناة الجزيرة، الأسترالي بيتر جريست، والمصري الكندي محمد فهمي الكندي، والمعروفة باسم قضية "خلية الماريوت"، والمصري الأميركي محمد سلطان المصري بقضية "غرفة عمليات رابعة".

وقالت الشبكة "يأتي هذا القانون المعيب، ليهدم مبدأ الفصل بين السلطات، حيث تقتصر صلاحيات رئيس الجمهورية على حقه في العفو عن المتهمين المحكوم عليهم حكماً نهائياً، وليس خلال فترة التحقيق أو المحاكمة، إلا أن هذ القانون أعطى رئيس الجمهورية الحق في تسليم المتهمين في مرحلة المحاكمة إلى دولهم، ما يعد تمييزا ضد المتهمين المصريين في القضايا نفسها أو غيرها، وتفضيلا لمتهمين بناء على جنسياتهم، بينما يحرم المصريين –وهو ما يحدث فعلا- من الاستفادة من هذه القانون، لمجرد أنهم مصريون".

آية حجازي، نموذج آخر للتمييز، فقد سجنت 3 سنوات لأنها مصرية ثم أفرج عنها لأنها أميركية. ففي بداية إبريل/نيسان 2017 عاد الرئيس السيسي من الولايات المتحدة، بعد زيارة التقى فيها بالرئيس الأميركي ترامب. وفي منتصف إبريل حكمت محكمة جنايات القاهرة ببراءة آية حجازي المصرية الأميركية وزوجها محمد حسانين وآخرين في قضية جمعية "بلادي" بالبراءة بعد حبس احتياطي ثلاث سنوات "بالمخالفة للقانون" بتهمة الاتجار بالبشر. وفي 20 إبريل وصلت آية حجازي إلى الولايات المتحدة على متن طائرة أميركية خاصة أرسلها الرئيس ترامب إلى القاهرة.​

وخلصت الورقة "نحن في الشبكة العربية نعتقد أن هناك محاباة للأجانب على حساب القانون لأغراض سياسية انتفاعية مع هذه الدول، وأن هذه المحاباة والتي تم تقنينيها في قانون 2014 لتسليم المتهمين تهد أسس القانون ذاته، كما أن المصري مزدوج الجنسية يُدفع دفعا للتخلي عن جنسيته المصرية ليتمتع بحماية قانونية أفضل مع جنسيته الأجنبية لا سيما الغربية".