تلميذات موريتانيا محارَبات

تلميذات موريتانيا محارَبات

24 سبتمبر 2016
زواج القاصرات يحرمهن من التعليم (جوسيبي دي روكو/ فليكر)
+ الخط -
الفتيات في موريتانيا يعانين من التمييز في التعليم بسبب جنسهن. تمنع بعض الأسر الريفية بناتها من الاستمرار في الدراسة بعد المرحلة الابتدائية، بعكس الأولاد الذين يسمح لهم بإكمال تعليمهم. أما في المدن فترغم العائلات بناتها على الدراسة في الجامعات المحلية، بينما يستفيد الذكور من الابتعاث إلى الخارج مما يفتح أمامهم آفاقاً أكبر.

ومع انطلاق العام الدراسي جزئياً، وقرب انطلاقه في كلّ المراحل والمؤسسات، دعا خبراء إلى محاربة مظاهر التمييز بين الجنسين في الوسط المدرسي، واستغلال تفوق الإناث العام الماضي وحصولهن على المراكز الأولى في أغلب الأقسام والمسابقات التعليمية، من أجل نشر قيم المساواة بين الجنسين في التعليم وفرض احترام فرص الإناث في إكمال تعليمهن. واعتبروا أنّ التمسك بالعادات والممارسات القديمة، التي لها جذورها التاريخية البعيدة، يرسخ مظاهر التمييز بين الجنسين وطالبوا بتوعية المجتمع لترسيخ قيم المساواة في المجتمع.

يعتبر زواج القاصرات أحد أهم الأسباب التي تمنع الأسر من السماح لبناتها بإكمال دراستهن. تفضل الأسر تزويج بناتها على البقاء في المدرسة، بسبب معتقدات تعتبر الزواج "سترة" للبنت.

تشكل الإناث غالبية الأطفال خارج المدرسة في موريتانيا. وبالرغم من جهود الجمعيات في هذا الصدد، ما زالت فرص التعليم المتاحة لهن معرّضة للخطر بفعل الأعراف والتقاليد. ينتقد الخبراء إهمال الحكومة محاربة ظاهرة تسرب الفتيات من المدارس، ويدعون إلى إذابة التمييز بين الجنسين في المدارس، وفتح المزيد من المدارس المختلطة التي لا تفرق بين التلميذ والتلميذة، وتصميم مناهج تربوية تخدم فكرة إزالة الفوارق بين الجنسين.

في التعليم التقليدي الذي يطلق عليه الموريتانيون "المحاظر"، يرفض بعض الشيوخ والأئمة التحاق الفتيات بحلقات العلم، بدعوى الخوف من الاختلاط، فتكون الفتيات في هذه القرى التي لا تتوفر على مدارس نظامية، ضحية تمييز يقتل حقهم في التعليم.

وبهدف تقليص هذه الظاهرة التي تنتشر بشكل كبير في المناطق الريفية، تحاول بعض الجمعيات الأهلية إقناع المسؤولين عن مدارس التعليم التقليدي، التي كان يرتادها الذكور فقط، بقبول الإناث وإعطائهن الأولوية في الالتحاق والتعليم لردم الفجوة في نسبة الاختلاف بين الإناث والذكور. وتطلق من حين إلى آخر حملات تربط بين الإنصاف في مجال التعليم بين الجنسين، وتحقيق المساواة في المجتمع بين الرجل والمرأة.

العام الماضي كان استثنائياً، فقد حققت الفتيات فيه نتائج جيدة، فاستأثرن بالمراكز الأولى في معظم المستويات والمسابقات التعليمية، وتقدمن على الذكور في معظم الدرجات الأكاديمية الممنوحة في مرحلة التعليم ما بعد الثانوي.

يقول الباحث الاجتماعي، أحمدو ولد الزين، لـ"العربي الجديد"، إنّه من واقع معاينته أحوال الطلاب، لاحظ تذمّر الطالبات من التمييز ضدهن في منح الدرجات العليا والتكليف بالمهام والابتعاث إلى الخارج. كذلك، فإنّ تفاعل بعض المدرسين مع الذكور يحبط الإناث، ويؤدي إلى اتساع الفجوة بين الجنسين.

يضيف أنّ إهمال معالجة هذه الظاهرة يؤثر سلباً في كفاءة الطالبة، وتقدمها في الدراسة، كما يؤثر على قيم المواطنة والمساواة بين الجنسين. ويعتبر أنّ المعايير الثقافية والاجتماعية من العوامل التي تسبب التمييز بين الجنسين في النظام التعليمي. ويضيف: "الأعراف الخاطئة المتعلقة بعدم الاختلاط وتزويج الفتيات في سن صغيرة، وإلزام المرأة بواجب الأمومة مبكراً، يقطع المسيرة التعليمية للفتيات ويتركهن عالة على الزوج والمجتمع وأحياناً يحصلن على دخل مادي ضعيف".

يدعو الباحث إلى ترسيخ المساواة في الحقوق والواجبات بين الجنسين ورفع مستوى التوعية في المجتمع بأهمية المساواة، وإشراك منظمات المجتمع المدني وقطاعات التعليم في حملات التوعية بالمساواة بين الجنسين.

المساواة قيد البحث
نظمت وزارة التعليم الموريتانية، بدعم من اليونسكو، مؤخراً، ملتقى حول التعامل المنصف بين الجنسين في المدارس والجامعات. ناقش الملتقى التزامات الحكومة في مجال التعليم والمساواة بين الجنسين، وإجراءات التقويم والحلول المقترحة. وأرفقت هذه المواضيع بنقاشات معمقة لخبراء تربويين واجتماعيين، تناولت التشخيص والحلول للمشاكل التي تعيق استكمال الفتاة مسارها التربوي.

المساهمون