طرقات مصر القاتلة

طرقات مصر القاتلة

24 فبراير 2020
بعض الطرقات غير مجهز (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -
أعادت إصابة 11 طفلاً مصرياً، تتراوح أعمارهم بين 3 و5 سنوات، بعدما أنقذتهم العناية الإلهية من الموت المحقق، الأسبوع الماضي، أثناء توجههم إلى روضتهم، فتح ملف سلامة الطرقات، بتفاصيلها المختلفة، متضمنة إدمان عدد كبير من السائقين على المخدرات، وعدم توافر وسائل نقل آمنة لنقل الأطفال والتلاميذ من منازلهم إلى الروضات والمدارس، وهو ما أدى إلى حوادث شبه يومية.

وكان الأطفال المصابون يستقلون سيارة "سوزوكي" (7 ركاب) يستأجرها أهالي الأطفال في قرية العبادلة، بمركز طوخ، بمحافظة القليوبية، لنقلهم إلى الحضانة في قرية عرب الرملة التابعة لقويسنا، في محافظة المنوفية، فاصطدمت بهم سيارة ربع نقل تابعة لمديرية التعليم، وأسفر الحادث عن وفاة سائق الأطفال، وجرى التحفظ على السائق المتسبب في الحادث، ونقلت طفلتان إلى العناية المركزة.




يطلق الأهالي على خط بنها - القناطر الخيرية، بمحافظة القليوبية، شمال القاهرة، اسم "طريق الموت". هذا الطريق من بدائل طريق القاهرة - الإسكندرية الزراعي، ويتخذه الآلاف يومياً كطريق أساسي للتنقل بين 4 مراكز في المحافظة، وهي: بنها، طوخ، قها، القناطر الخيرية، لكنّ انعدام الخدمات بأشكالها كافة على الطريق، لا سيما الإضاءة والمطبات الصناعية، وعدم توافر نقاط أمنية أو كمائن مرورية، سمحت له بحصد كثير من الأرواح. وهذا الشهر فقط شهد ما لا يقل عن 4 حوادث راح ضحيتها العديد من الأشخاص.

وكشف أهالي محافظة القليوبية أنّ عدداً كبيراً من الطرقات التي تربط بين مدن المحافظة غير صالحة، بسبب تهالكها، وكثرة المطبات، خصوصاً أمام القرى، والتي يقيمها الأهالي لإجبار السائقين على تهدئة السرعة خوفاً من الحوادث. وقال عبد الجواد العقبي، أحد السكان في مركز طوخ، إنّ الطريق الذي وقع فيه الحادث يمرّ بعدد من القرى، وهو من أسوأ طرقات المحافظة، وغير صالح للسير عليه، بالرغم من أهميته كونه يربط بنها بالقناطر الخيرية، والأخيرة منطقة سياحية يتردد عليها المواطنون بصفة يومية. يتابع أنّ الطريق يعاني من الإهمال ولم يشهد أيّ صيانة له، ولا تتوافر فيه الإنارة، كما تنتشر القمامة على جانبي الطريق، وتشعل فيها النيران للتخلص منها، ما يتسبب في تصاعد الأدخنة الضارة بصحة الأفراد والمجتمع، وتتسبب أيضاً في حجب الرؤية عن السائقين، ما يزيد من احتمال الحوادث.

لفت عمر حسان، من المحافظة نفسها، إلى أنّ السيارات التي تنقل التلاميذ إلى مدارسهم متهالكة وغير صالحة، إذ تغيب رقابة أجهزة المرور ورقابة المسؤولين في التعليم. تابع أنّ السائقين أيضاً يتعاطون المخدرات علناً، وليست لديهم تراخيص لقيادة تلك المركبات. وأشار إلى أنّ ازدحام السيارات الشديد أمام المدارس قد يتسبب في دهس التلاميذ الخارجين من المدارس عقب انتهاء اليوم الدراسي.

بدوره، أشار سيد جمال الدين، من أهالي القليوبية، إلى أنّ هناك صرخات شبه يومية من المواطنين لإنقاذهم من تردّي حالة الطرقات والمركبات، فهناك من يلجأ إلى استئجار سيارات صغيرة الحجم لنقل أبنائه، وذلك خوفاً عليهم من الموت، لكنّها أيضاً معرّضة للحوادث كما حصل مع سيارة "سوزوكي" أخيراً. وشدد على أنّ كثيرين يضطرون إلى ركوب سيارات نصف نقل يقودها فتية صغار، أو سيارات لنقل المواشي يضطرون إلى اعتلائها من دون اتخاذ أدنى معايير السلامة، مما يعرّضهم لخطر الموت. وطالب بضرورة توفير سيارات آمنة، أو بناء مدارس لهذه التجمعات "رحمة بالغلابة". مشيراً إلى أنّ البعض ينقل أبناءه وبناته بالدراجات ثلاثية العجلات، في وضع مهين وخطير، ولا بدّ من وقفة حاسمة لحلّ هذه المشاكل.

من جهته، طالب النائب حسن عمر، عضو مجلس النواب (البرلمان) عن محافظة القليوبية، بضرورة إجراء تحليل دوري للمخدرات لسائقي باصات المدارس، للحفاظ على حياة الأطفال من احتمال وقوع أيّ حادث يعرّض أرواحهم للخطر، مبيناً أنّ المخدرات تمثل تهديداً كبيراً للمجتمع، بالإضافة إلى التواجد المكثف للخدمات الأمنية على الطرقات السريعة، وتشديد الحملات على السيارات التي يقودها شباب صغار السن، وانتشار سيارات النقل الصغيرة و"التروسيكلات" (الدراجات ثلاثية العجلات) في نقل الأهالي والتلاميذ، وبالتالي إزهاق الأرواح وإصابتهم بجروح وكسور خطيرة، وتنظيم شبكة مواصلات تكون مختصة بخدمة تلاميذ جميع المدارس.




وأكد عضو مجلس النواب في المحافظة نفسها، أحمد بدوي، أنّ حوادث الطرقات في المحافظة أصبحت خطيرة والعناية الإلهية هي التي أنقذت الأطفال الـ11 من الموت أثناء توجههم إلى روضتهم. وأشار إلى أنّ المطلوب حظر النقل على عدد من الطرقات التي تتسبب في حوادث، وتوفير حافلات خاصة بالأطفال والتلاميذ مجهزة بأحدث الأجهزة، والالتزام بالسرعة المحددة، وتكثيف مراقبة السيارات بالرادارات والكاميرات، وإجراء الكشف الطبي وتحليل المخدرات دورياً للسائقين مرة كلّ 3 أشهر على الأقل، خصوصاً مع ازدياد عدد السائقين الذين يتعاطون المخدرات.

دلالات