أفغانيات مدمنات

أفغانيات مدمنات

11 يناير 2019
العلاج مطلوب سريعاً (بولا برونشتين/ Getty)
+ الخط -
من بين العديد من القضايا الاجتماعية التي تواجه الشعب الأفغاني وتعاني منها الطبقة الفقيرة تحديداً في بلاد مزقتها الحروب، الإدمان على الحشيش (القنب الهندي) والهيرويين وأنواع مختلفة من المخدرات. وما يؤشر إلى زيادة التعاطي والإدمان، امتداده إلى النساء، ووصول عدد المدمنات إلى عشرات الآلاف في بعض الأقاليم. أرقام تؤكدها وزارة مكافحة المخدرات التي تشير إلى أنّ عدد المدمنات في أفغانستان ككلّ وصل إلى 800 ألف مدمنة.

البطالة ومعها العمل في المخدرات، سواء في الزراعة أو التجارة، من أبرز أسباب الإدمان لدى الذكور، لكنّ الأمر مختلف لدى الإناث، إذ يقدم الأطباء أسباباً أخرى، منها العنف الأسري والأمراض النفسية والفقر. في هذا الصدد، يقول الدكتور حميد الله، المتخصص في علاج الإدمان، لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك أسباباً كثيرة لتفشي الإدمان في المجتمع الأفغاني، بعضها مشترك بين الرجال والنساء، وبعضها خاص بالنساء، ومن أبرزها الحالة المعيشية الصعبة، لأنّ الكثير من النساء، خصوصاً الأرامل والمطلقات، يرين أنّ طريقة الخلاص من معاناة الحياة هي التعاطي.




يضيف أنّ "الأسرة في العادة تبدأ بتعذيب الإناث إذا عرفت أنّهن مدمنات، وبمجرد أن تعرف أنّ الفتاة مدمنة تلجأ إلى العنف ضدها بدلاً من التفكير في علاجها، وهو ما يجعلها تتمسك بالتعاطي ويبقيها مدمنة. كذلك، فإنّ الحصول على المخدرات ميسّر في أفغانستان، فهي متوافرة في كثير من المنازل حتى". يتابع أنّ زراعة نبتة الخشخاش التي تنتج الأفيون سبب في إدمان كثير من النساء والفتيات، لكنّ الأبرز هو العنف الأسري، لأنّ النساء عندما يتعرضن للعنف والضرب يلجأن إلى الإدمان، فيمضغن في البداية قليلاً من الأفيون لتخفيف المعاناة والألم، ويتدرجن إلى الحشيش ثم الهيرويين.

يذكر الطبيب قصة فتاة زوّجها والدها في سنّ 14 عاماً، بشخص لم تكن راغبة فيه حتى، فتعرضت للضرب والعنف بعد الزواج من قبل أهل الرجل المدمن على الحشيش. الفتاة لم تجد ملجأ سوى اللجوء إلى الأفيون، وقد أكلت في يوم واحد كمية أوصلتها إلى المستشفى. يشير إلى أنّ أسرة الرجل كانت ترفض حتى أن تأخذها إلى المستشفى لتلقي العلاج. وهكذا باتت مدمنة بعد ذلك.

لطالما كانت مشكلة الإدمان متفشية في الجنوب الأفغاني، لكنّها امتدت منذ فترة إلى الشمال، وإلى الأماكن الآمنة نسبياً والمتحضرة فيه، كالعاصمة كابول، وهو أمر مقلق يشير إلى أنّ الفقر ليس وحده السبب في تفشي الإدمان بين النساء، بل هناك أسباب عدة أخرى. ومن بين أقاليم الشمال التي ينتشر فيها الإدمان، إقليم دايكندي، إذ تقول وزارة الصحة إنّ 30 في المائة من المدمنين في الإقليم، إناث، وهنّ مدمنات على أنواع مختلفة من المخدرات، مع تزايد الحالات باضطراد.

في هذا الخصوص، يقول رئيس إدارة الصحة المحلية في الإقليم، إسحاق علي درمان، إنّ الإحصائية تشير إلى إدمان نحو 70 ألف شخص بالمخدرات في الإقليم، 21 ألفاً من بينهم من النساء. يوضح أنّ 80 في المائة من هؤلاء جميعاً يستخدمون الأفيون وأنواعاً أخرى من المخدرات، بينما يستخدم 20 في المائة الهيرويين. يضيف درمان أنّه بالنظر إلى خطورة إدمان النساء تحديداً، قررت الحكومة تأسيس مستشفى خاص بهن في مركز الإقليم، نيلي، وفي إمكان المستشفى معالجة عشرات المدمنات في آن واحد، وبذلك ستنطلق سلسلة برامج خاصة لعلاج المدمنات في الإقليم.

ترحب رئيسة إدارة شؤون النساء في الإقليم، زكيه رضائي، في حديثها إلى "العربي الجديد"، بقرار تأسيس المستشفى، لكنّ ذلك وحده لن يكون كافياً، في رأيها، "للوقوف في وجه ظاهرة مستفحلة وخطيرة، لا سيما أنّ من بين المدمنات أمهات لديهن أولاد، وهناك خشية إلى حدّ كبير من إدمان أطفالهن أيضاً".




ثمة نساء مدمنات توجهن إلى التسول لتوفير لقمة العيش. من هؤلاء كلثوم التي علّمها زوجها التعاطي ومات تاركاً لها أولاداً تتسول في كابول لإطعامهم. تقول لـ"العربي الجديد": "كان زوجي مدمناً وكنت آخذ منه القليل من المواد، ولم أكن أحسب أنّي سأصل إلى هذا الحد، ولم أفكر يوماً في النتائج السيئة".

المساهمون