قاضٍ جزائري لـ"العربي الجديد": هذه أسباب "العصيان القضائي" ومآلاته

قاضٍ جزائري لـ"العربي الجديد": هذه أسباب "العصيان القضائي" ومآلاته

28 أكتوبر 2019
من حراك سابق للقضاة في الجزائر (فرانس برس)
+ الخط -
وصف القاضي الجزائري عبد الله هبول الحركة الاحتجاجية للقضاة في الجزائر، ودخولهم في إضراب، منذ أمس الأحد، بأنّه "معركة كسر" عظم مع وزير العدل بلقاسم زغماتي، و"تمرد وعصيان قضائي"، يفترض أن يكون ثمنه تحقيق استقلالية العدالة وإنهاء هيمنة السلطة السياسية على القضاء، مشيراً إلى أنّ الوضع يتطلب استقالة وزير العدل.

وقال هبول، وهو قاض تعرّض للملاحقة بسبب اعتراضاته في عهد نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، إنّ "الحركة الاحتجاجية للقضاة، بغض النظر عن أنّ دوافعها كانت بسبب مطالب مهنية وفئوية تخص القضاة، فإنّها تصبّ في صالح المواقف والمطالب المركزية للحراك الشعبي الذي يطالب بتحرر القضاء واستقلاليته".

وأضاف "هذه الأزمة هي ثمن تسيير السياسة للقضاء، وأستطيع أن أصفها بالتمرد والعصيان القضائي، وهذا يعزز موقف الحراك، ويسحب من السلطة الذراع والجهاز الذي كانت تستخدمه في الملاحقة والتضييق على المعارضين لسياساتها، في مختلف الفترات السياسية".

ويعتقد القاضي هبول أنّ إضراب القضاة، الذي بدأ على خلفية قرار بنقل ثلاثة آلاف قاض دفعة واحدة والمطالبة بالفصل بين السلطات "يجب أن يكون له ثمن وهو تحقيق مكسب استقلالية العدالة، بعدما ظل القضاء لسنوات اليد الخشنة التي تضرب بها السلطة وتستخدمها لتنفيذ سياساتها".

وأضاف "القضاة لن يجدوا فرصة أكبر من هذه لتحقيق استقلاليتهم، لكن يتوجب على القضاة أن ينهوا مرحلة استخدامهم من قبل السلطة، ويجب أن يدرك القضاة أنّ إضرابهم بقدر ما قد يحقق لهم المطالب المرفوعة من قبلهم، فإنّه سيضعهم أمام مسؤولية أخلاقية تجاه الالتزام من الآن وصاعداً بتطبيق القانون، ورفض أي وصاية أو قرارات أو توجيهات فوقية".

وفسّر هبول الدوافع الأساسية لإضراب القضاة، بالقول إنّ "الأسباب ذاتية كون حركة النقل والتحويل التي اتخذها المجلس الأعلى للقضاء برئاسة وزير العدل بلقاسم زغماتي، الخميس الماضي، مسّت نصف الجسم القضائي، وهو قرار غير ملائم وغير مناسب من حيث التعداد والتوقيت".

ورداً على سؤال حول المآلات المتوقعة، وكيفية حل هذه الأزمة بين القضاة والحكومة، أكد هبول "صحيح أنّه بحسب قانون المجلس الأعلى للقضاء فإنّ وزير العدل هو المختص بتنفيذ مداولات المجلس، وأنّ أعضاءه لا يحق لهم تجميد الحركة القضائية، لكن راهن الأزمة يبين أنّ الوضع أصبح متجاوزاً لوزير العدل، ويتطلب تدخل رئيس الدولة، ما يعني قراراً سياسياً بالدرجة الأولى من قبل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، بصفته الدستورية كرئيس للمجلس الأعلى للقضاء، إضافة إلى ضرورة استقالة كل أعضاء المجلس القضائي الأعلى، بمن فيهم وزير العدل من منصبه".

ولا يبدي كثير من الناشطين مواقف مؤيدة للحركة الاحتجاجية للقضاة، بسبب قرارات القضاة بإيداع أكثر من 120 ناشطاً من الحراك الشعبي في السجون.

وعلّق هبول على التباين في الموقف إزاء الحركة الاحتجاجية للقضاة، وأرجع ذلك إلى أنّ "الناس الآن تلوم القضاة لأنّه لم يكن لهم موقف إيجابي في ملاحقة السلطة للناشطين ومعتقلي الراية الأمازيغية والمدونين، إذ كان يفترض على القضاة الإنصات لصوت المجتمع، ورفض ملاحقة ناشطين لمجرد إعلانهم عن مواقف سياسية بطريقة سلمية، وهذا الموقف المتراخي تجاه القانون والموقف الشعبي، جعل القضاة أنفسهم في دائرة الاتهام بكونهم آلة للاستخدام السياسي، وجعل التعاطف معهم محدوداً الآن في حركتهم الجديدة".